عقد في الدوحة بتاريخ الأول والثاني من مارس الحالي اللقاء السنوي الثالث والثلاثون لمنتدى التنمية الخليجي، الذي كان بعنوان «السياسات العامة والحاجة للإصلاح في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية» وقدمت فيه ست أوراق عمل مهمة هي كالتالي: ورقة الدكتور خالد اليحيى بعنوان «الفجوة بين تنمية رأس المال البشري والإصلاح المؤسسي - مدخل لسياسة وإدارة التنمية في دول مجلس التعاون»، وورقة الدكتور عمر هشام الشهابي بعنوان «سياسات التوسع العقاري من منظور الخلل السكاني في دول مجلس التعاون»، وورقة الدكتور محمد بن طاهر آل إبراهيم بعنوان «الحاجة للإصلاح في سلطنة عمان»، وورقة الأستاذ أحمد الديين بعنوان «الحاجة للإصلاح في الكويت»، وورقة الدكتور عبدالمحسن هلال بعنوان «الحاجة للإصلاح في المملكة العربية»، وورقة الأستاذ حسن علي رضي بعنوان «أحداث البحرين الأزمة والمخرج»، وكانت الجلسة الختامية بعنوان «نحو أجندة إصلاح عامة مشتركة في دول مجلس التعاون»، وهي مخصصة للمداخلات الرئيسية، وشارك في اللقاء نخبة مميزة من أهل الخليج سعدت برويتهم والاستماع لهم ومشاركتهم في همومهم، وكانت المداخلات على درجة عالية من الحرية والحوار الراقي تثبت أن دول الخليج ككل غنية بالعقول المميزة والأفكار النيرة، وأكثر ما أعجبني في هذا اللقاء التنوع في الأفكار، ووجود كل أطياف الرأي السياسي الخليجي، فالليبرالي بجانب الإسلامي، والشيعي مع السني على طاولة حوار واحدة، تستمع لهذا وتعقيب ذلك، يطرح هذا حججه ويقوم ذلك بكل احترام بتفنيد حجة ذاك، حوار أخوي لا يدعي العصمة لأحد ينشد الإصلاح ويبحث عن خارطة طريق له، من خلال الاستماع لكل التيارات السياسية والفكرية، لهذا أشكر الدكتورة ابتسام الكتبي المنسق العام للمنتدى، والدكتور علي بن خليفة الكواري منسق اللقاء السنوي الثالث والثلاثين، أولاً على الدعوة، وثانياً على الجهود المقدرة التي أخرجت اللقاء بصورة جميلة ناجحة، وكل لقاء والجميع بصحة وعافية..
وبهذه المناسبة كان من الواجب أن لا يغيب هذا الجمع المميز عن شاشات قناة الجزيرة الفضائية، خصوصا وهو على أرض قطر، وموضوعه من المواضيع التي تضعها الجزيرة على قمة أجندتها، وفي مقدمة أولوياتها، وغياب الجزيرة مباشر خصوصا عن نقل الحدث أو تسجيله وتوثيقه يثير العجب ويدعو إلى الاستغراب، فنحن نطلب الحكمة والخبرة في مجال الإصلاح في الصين، ونسعى إليها في الشرق والغرب، وإذا أتت إلى عقر دارنا لا نلتفت إليها ولا نستفيد منها، وإلا فأين قناة الربيع العربي عن منتدى التنمية ومؤتمره الذي يطالب بالإصلاح في دول الخليج وبأصوات كلها من أهل الوطن الخليجي، وأقيم هنا في الدوحة على مرمى حجر من مقر إرسالها، ناهيك عن غياب المؤسسة العربية للديمقراطية عن فعالياته وهي التي صدعت رأسنا بكونها منظمة مدنية عربية دولية مستقلة للدعوة للديمقراطية كثقافة، وطريقة حياة وكنظام أمثل للحكم الصالح، وعندما تأتي الديمقراطية كثقافة ومثقفين وتطرق سمع أهل قطر، تستنكف صاحبة الاختصاص بتعزيز دور الديمقراطية كنظام حكم عن الإنصات لها، فمن يغرد خارج سرب الاختصاص والمسؤولية التاريخية هم أم نحن؟ ومن يعنيه الأمر من قريب أو بعيد.. من يدفع من جيبه الخاص لرفع سقف الحريات العامة والدفع بعجلة الإصلاح إلى الأمام ورفع قيمة الديمقراطية في الوسط الخليجي؟ أم من تصرف عليه الملايين ليخاطب سكان القمر بمحاسن الديمقراطية كنظام حكم، ويغفل عن كل نشاط يعزز دورها في عقر داره؟ أليس هذا دليل قوي على عدم الجدية وغياب المصداقية في تفعيل دور المؤسسة العربية للديمقراطية كجهة مختصة بشد أزر مظاهر الديمقراطية في الوطن العربي بشكل عام، وفي الخليج العربي بشكل خاص؟ وفي الأخير نجح اللقاء واستحق القائمون عليه كل الإشادة والتصفيق، وفشلت للأسف قناة الجزيرة الفضائية في مهمة الاستماع عن قرب لدعاة الإصلاح في الخليج ومعرفة وجهات نظرهم في السبل الموصلة له، وتخلفت صاحبة الاختصاص بدفع قيم الديمقراطية إلى الأمام في الوطن العربي، ألا وهي المؤسسة العربية للديمقراطية، عن الاستفادة من وجود هذه الكوكبة من فرسان الديمقراطية الخليجيين، وهم قاب قوسين أو أدنى من مقرها الرئيسي، وأقرب من حبل الوريد للسيد محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية، مع أن التعاون في ميدان الديمقراطية مع كافة المنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الديمقراطية في البلاد العربية وفي البلدان الأخرى من أهم أهداف المؤسسة التي يتربع على قمة هرم المسؤولية فيها، فلمن ستقرع الأجراس لمجلس أمناء المؤسسة؟ أم اللجنة التنفيذية للمؤسسة؟ أم في الحقيقة ستقرع أمام فريق المؤسسة، وعلى وجه الخصوص أمام مكتب الأمانة العامة للمؤسسة؟ وبشكل أكثر دقة ستقرع في وجه الأمين العام للمؤسسة السيد محسن مرزوق. والسلام


المصدر: صحيفة العرب القطرية


الأفكار الواردة في الأوراق والمداخلات والتعقيبات لا تعبر عن رأي الموقع وإنما عن رأي أصحابها



الأفكار الواردة في الأوراق والمداخلات والتعقيبات لا تعبر عن رأي الموقع وإنما عن رأي أصحابها