البيئة في الخليج
1.3 تحديات استدامة الموارد المائية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية - وليد الزباري
-
الزيارات: 3299
أولاً: مقدمة
يمثل تحقيق "استدامة المياه" في دول مجلس التعاون الخليجي تحدياً صعباً نتيجة لعوامل طبيعية وأخرى بشرية.[1] فبسبب وقوعها في واحدة من أكثر مناطق العالم التي تعاني من ندرة المياه، وباعتبارها تشهد واحدة من أعلى معدلات النمو السكاني والتوسع الحضري في العالم، إلى جانب التغير السريع في أنماط الحياة وأنماط الاستهلاك، تواجه دول المجلس تحديات هائلة وتكاليف عالية في توفير المياه لتلبية الطلب المتزايد باستمرار على المياه. ومع ذلك، وعلى الرغم من شدة هذه التحديات، إلا أن أداء دول مجلس التعاون الخليجي في توفير إمدادات المياه، وخاصة مياه الشرب، يعتبر ممتازاً ويصنف ضمن الأعلى على مستوى العالم. وبفضل اقتصادها القوي ومواردها المالية والنفطية، فقد تم إنشاء نظام إمدادات مياه آمنة وبأسعار معقولة ومستقرة في كل دولة من دول المجلس. وفي الوقت الحالي، حققت جميع دول مجلس التعاون ما نسبته 100٪ تقريباً من هدف التنمية المستدامة المتعلق بإمكانية حصول جميع السكان على مياه شرب مأمونة وميسورة التكلفة.[2] ولكن، تعتمد أنظمة إمدادات المياه البلدية بشكل كبير على المياه المحلاة، كثيفة الاستهلاك للطاقة، وترتبط بتكاليف مالية وآثار بيئية عالية نسبياً.
ولتلبية الاحتياجات الزراعية من المياه، اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي على موارد المياه الجوفية بشكل كبير. ومن دواعي القلق الرئيسية أن غالبية هذه الموارد غير متجددة (وتسمى كذلك بالأحفورية)، ويتم تعدينها بشكل مكثف واستنزافها بشكل سريع، في حين يتم استغلال موارد المياه الجوفية المتجددة المحدودة المتبقية بشكل مفرط بما يتجاوز معدلات تجددها، ما يؤدي إلى تدهور نوعية مياهها وتملّحها بسبب غزو مياه البحر لها. إن فقدان موارد المياه الجوفية سيؤدي إلى عواقب وخيمة على دول المجلس من حيث فقدان مصدر مائي استراتيجي طويل الأجل، إلى جانب تكلفة توفير المياه البديلة له، وتأثيرات ذلك على الأمن المائي واستدامة المياه.
علاوةً على ذلك، وفي حين قدمت دول مجلس التعاون لسكانها خدمات صرف صحي جديرة بالثناء، وتصنف من ضمن الأعلى في العالم، إلا أن طاقة محطات معالجة مياه الصرف الصحي لا تزال أقل من طاقة إمداد المياه البلدية، وأقل من كميات مياه الصرف الصحي المنتجة، مما يؤدي إلى تصريف هذه المياه غير المعالجة أو المعالجة جزئياً إلى البحر أو الأودية، وبالتالي زيادة التلوث. وبالرغم من تشغيل محطات معالجة ثلاثية ومتقدمة، إلا أن إمكانية إعادة استخدام هذه المياه المعالجة لم يتم تطويرها بالكامل، حيث إن معظم هذه المياه المعالجة لا يتم استخدامها، الأمر الذي يمثل فرصة ضائعة كبيرة لدول المجلس تحت ظروف ندرة المياه التي تعيشها. وتحت هذه الظروف والتحديات التي تواجهها استدامة قطاع المياه، فمن المتوقع أن يشكل تغير المناخ العالمي وتقلباته ضغطاً إضافياً على نظام إدارة المياه الحالي في دول مجلس التعاون الخليجي، ناهيك عن دوره في إضفاء حالة من عدم التيقن في تخطيط وإدارة الموارد المائية.
تبدأ هذه الورقة بتعريف مفهوم "استدامة" قطاع المياه في ظروف دول مجلس التعاون الخليجي ليكون بمثابة الأساس لتناول تحديات الاستدامة الخاصة بالمنطقة (القسم 2). ثم تقدم الورقة استعراضاً تفصيلياً عن الظروف الحالية لموارد المياه واستخداماتها في دول المجلس (القسم 3)، يليه تحديد لتحديات استدامة المياه الرئيسية في المنطقة (القسم 4)، واستجابة دول مجلس التعاون الخليجي في التصدي لهذه التحديات (القسم 5). وأخيراً، يعرض قسم الاستنتاج والتوصيات (القسم 6) مقترحات لأهم الحلول التي يوصى بالتركيز عليها لتحقيق مستويات أعلى من الاستدامة في قطاع المياه.
ثانياً: استدامة المياه في دول مجلس التعاون
تقع دول مجلس التعاون في واحدة من أكثر مناطق العالم إجهاداً وشحّاً في الموارد المائية. المنطقة تخلو من المياه السطحية الدائمة، وتمثل المياه الجوفية، والتي معظمها غير متجدد (أحفورية)، موارد المياه العذبة الطبيعية الوحيدة المتوفرة لها. ومنذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، شهدت دول المجلس نمواً سكانياً غير مسبوق وتطوراً متسارعاً في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، ارتبط بزيادة كبيرة في الطلب على المياه، والذي أدى بدوره إلى زيادة الضغط على موارد المياه الجوفية المحدودة في المنطقة. ويعتبر نصيب الفرد من موارد المياه العذبة المتجددة من ضمن أقل المستويات عالمياً، ويستمر في الانخفاض بسرعة بسبب النمو السكاني المتصاعد (شكل 1.3.1)، حيث يبلغ حالياً (2020) أقل من 100 م3/سنة، وهو أقل بكثير من خط الفقر المائي الحاد الذي يبلغ 500 م3/سنة[3].
شكل 1.3.1: متوسط نصيب الفرد السنوي من المياه العذبة المتجددة في دول مجلس التعاون، 1950-2020
*المصدر: عدد السكان للسنوات 1950-2010:
World Population Prospects: The Revision, Key Findings and Advance Tables (UN, 2015), Working Paper No. ESA/P/WP.241, < https://population.un.org/wpp/Publications/Files/Key_Findings_WPP_2015.pdf >.
وللعام 2020: موقع المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية < www.gccstat.org >.
إيراد الموارد المائية العذبة: UNESCWA, 1999.
ولتلبية الطلب المتسارع على المياه، اضطرت الدول إلى ضخ استثمارات كبيرة ومكلفة في مصادر إمداد المياه والبنى التحتية لها، متمثلة في محطات تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، وكذلك في إنشاء السدود. ومع ذلك، وبالرغم من الجهود المضنية التي تبذلها الدول في زيادة وتعظيم مواردها المائية من خلال اللجوء إلى مصادر المياه غير التقليدية، فإنها لا تزال تواجه عجزاً خطيراً في المياه بسبب استمرار الطلب على المياه بشكل يتجاوز حدود مواردها المائية المتاحة.
في ظل هذه الظروف، يصبح تعريف مصطلح "الاستدامة" أكثر تعقيداً وصعب المنال. فعلى سبيل المثال، كيف يمكن لمخططي المياه تعريف استدامة مصادر المياه الجوفية غير المتجددة، والتي تشكل مصدراً رئيسياً للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي. ففي حالة المياه الجوفية المتجددة، يمكن تعريف استدامتها عادة من منظور طبيعي/فيزيائي على أنها في الموازنة بين معدلات سحب المياه الجوفية مع معدلات إعادة التغذية، أو في بعض الأحيان أن يتجاوز السحب معدلات التغذية بكمية محسوبة مقبولة لا تعرضها للخطر من حيث نوعيتها ومستوياتها. أما في حالة المياه الجوفية الأحفورية، فإن السحب المستمر سيؤدي إلى استنزافها في نهاية المطاف، وستتأثر سلباً القطاعات المعتمدة عليها، مثل القطاع الزراعي (بسبب اعتمادها بشكل أساسي على المياه الجوفية)، وستمر في البداية بتقلص تدريجي وفي النهاية ستتوقف كنشاط. وبالتالي، لا يمكن تفسير استدامة المياه الجوفية غير المتجددة من منظور فيزيائي فقط، ولكن أيضاً من سياق اجتماعي-اقتصادي يأخذ في الاعتبار الآثار السلبية على التنمية التي تحدث عند نضوب خزانات المياه الجوفية. وفي هذه الحالة، ومثل أي مورد طبيعي غير متجدد آخر، تصبح استدامة المياه الجوفية غير المتجددة مرادفة لكيفية إطالة عمرها من أجل خدمة أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بحيث يتم استغلال المورد بأقصى قدر من الكفاءة الهيدروليكية والإنتاجية الاقتصادية لأطول فترة زمنية ممكنة. وعلاوةً على ذلك، فإن السؤالين "ماذا سيحدث بعد نضوب المصدر؟" و "ما هي مصادر المياه البديلة؟" يجب تناولهما عند صياغة "استراتيجية الخروج".
وبالمثل، تمثل استدامة "مياه التحلية"، ثاني أكبر مصدر للمياه في المنطقة والمصدر الأساسي لإمدادات المياه المنزلية، تحدياً رئيسياً آخراً، ويحتاج تعريف استدامة التحلية النظر إلى عدد من المجالات تشمل المجالات المالية والاقتصادية والبيئية. وتعتبر التحلية عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة وبالتالي ترتفع تكاليفها مقارنة بمصادر المياه الأخرى (بشكل عام تمثل الطاقة أكثر من 85% من التكلفة الكلية لإنتاج المياه)، ويبين (شكل 1.3.2) تكلفة الطاقة للتحلية مقارنة بمصادر المياه الأخرى. وبالإضافة على تكاليفها العالية، يصاحب عملية التحلية العديد من الآثار البيئية. ولذا فإن استدامة التحلية يجب أن تشمل خفض التكلفة المالية والاقتصادية للتحلية، وزيادة موثوقيتها كمصدر للمياه، والحصول على تقنيات التحلية وتوطينها لزيادة قيمتها المضافة لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، وتقليل آثارها البيئية الضارة.
شكل 1.3.2: الطاقة المطلوبة لتوفير متر مكعب من المياه الصالحة للاستخدام البشري من مختلف مصادر المياه
*Source: The United Nations World Water Development Report 2014: Water and Energy (Paris: UNESCO, UN WWAP, 2014) < https://bit.ly/3jrXenv >.
من ناحية أخرى، تتبع استدامة مياه الصرف الصحي المعالجة سياقاً مختلفاً. ولا تتطلب إدارة المياه العادمة، الواقعة في طرف المتلقي من دورة المياه البلدية، توفير خدمات الصرف الصحي الآمن للسكان لحماية الصحة العامة فقط، بل تتطلب أيضاً معالجتها، واسترداد الموارد منها، وإعادة استخدامها. وبالتالي، مثل تحلية المياه، يجب تعريفها في عديد من المجالات، بما في ذلك حماية صحة الإنسان، وتوفير القيمة الاقتصادية من استرداد الموارد (من حيث استرجاع المغذيات والطاقة) وإعادة الاستخدام، وتقليل التدهور البيئي، وتوطين تقنيات المعالجة لزيادة قيمتها المضافة إلى اقتصاديات دول المجلس.
علاوة على ذلك، وبالإضافة إلى تعريف استدامة الموارد المائية، يجب أيضاً تحديد الاستدامة في القطاعات المستهلكة التي تشكل فيها المياه أحد المدخلات الرئيسية (أي إمدادات المياه في المناطق الحضرية، والقطاعات الزراعية والصناعية، وكذلك البيئة). وهنالك حاجة للنظر إلى استدامة المياه من منظور "نظام الإدارة"، بدلاً من منظور "الموارد". وفي هذه الحالة، يمكن تعريف "نظام إدارة المياه المستدام" على أنه "ذلك النظام الذي يمكنه أن يوفر الكمية الكافية من المياه بالجودة المطلوبة لقطاعات التنمية المختلفة، بأقل التكاليف المالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لتحقيق أقصى درجة استفادة اجتماعية-اقتصادية من حيث القيمة المضافة للاستخدام والمساهمة في التنمية الوطنية العامة على المدى الطويل". بعبارة أخرى، لا تتعلق الاستدامة فقط بتوفير المياه للقطاعات المستهلكة، ولكن أيضاً بطريقة إمدادها واستخدامها، ومساهمتها في عملية التنمية على المدى الطويل.
ثالثاً: موارد المياه واستخداماتها في دول مجلس التعاون
تتكون موارد المياه في دول المجلس من ثلاثة مصادر رئيسية، هي المياه الجوفية والمياه المحلاة ومياه الصرف الصحي المعالجة، في حين تتركز استخدامات المياه الرئيسية في القطاع الزراعي والقطاع البلدي والقطاع الصناعي. يقدم هذا القسم سرداً مختصراً لكل مصدر من تلك المصادر واستخداماته، والوضع الحالي له، والقضايا الرئيسية التي تؤثر على استدامته.
موارد المياه في دول مجلس التعاون الخليجي
تقع دول مجلس التعاون في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافاً. وباستثناء المناطق الساحلية والسلاسل الجبلية، فإن المنطقة في الأساس صحراء ذات بيئة قاسية، حيث تتسم بانخفاض وعدم انتظام هطول الأمطار (70-150 مم/سنة) وبمعدلات تبخر عالية تتجاوز 3000 مم/سنة، مما يجعل الظروف غير مواتية لوجود نظام دائم للمياه السطحية.
يتم تلبية احتياجات المياه الإجمالية لدول المجلس بشكل أساسي من خلال استخراج المياه الجوفية وتجميع المياه السطحية (78%)، وإنتاج المياه المحلاة (19%)، وبدرجة أقل عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (3%).[4] ولكن، تختلف هذه النسب من بلد إلى آخر (شكل 1.3.3). فنجد أن المياه الجوفية هي المكون الرئيسي لميزانية المياه في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، بينما تحتل تحلية المياه الجزء الأكبر في ميزانية المياه للدول الأصغر (أي الكويت وقطر والبحرين).
شكل 1.3.3: استخدام موارد المياه في دول المجلس خلال الفترة 2012-2015.
ملاحظة: DES = مياه محلاة، GW= مياه جوفية، TWW = مياه صرف صحي معالجة. القيمة الأولى تبين كمية المصدر المستخدمة بالمليون متر مكعب/السنة، والرقم الثاني يبين نسبة مساهمتها في إجمالي المياه المستخدمة.
*Source: Al-Zubari, W., and others, “An Overview of the GCC Unified Water Strategy (2016–2035),” Desalination and Water Treatment, 2017, vol. 81, pp 1–18, < doi:10.5004/dwt.2017.20864 >.
المياه السطحية والمياه الجوفية
نظراً لموقعها الجغرافي وتضاريسها ومساحتها المحدودة، فإن البحرين والكويت وقطر ليس لديها مياه سطحية أو أن كميتها صغيرة جداً بحيث لا يمكن الاعتماد عليها. ولكن، بالنسبة لعُمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ذات المساحات الواسعة نسبياً والمناطق الجبلية، تتواجد مصادر جيدة للمياه السطحية (جدول 1.3.1). وتبذل هذه الدول الثلاث جهوداً كبيرة لتجميع جريان المياه السطحية عن طريق بناء السدود. ويبلغ إجمالي سعة السدود في هذه البلدان الثلاثة حوالي 2.4 مليار متر مكعب. وتخدم هذه السدود أغراضاً متعددة منها: منع حدوث الفيضانات وتجميع المياه وتغذية المياه الجوفية والريّ.
جدول 1.3.1: الموارد المائية التقليدية المتاحة في دول مجلس التعاون الخليجي واستخراج المياه الجوفية، بالمليون متر مكعب/السنة (ما لم يذكر غير ذلك)
ملاحظات:
1- تمثل أرقام التغذية عمليات إعادة الشحن لطبقات المياه الجوفية الضحلة.
2- إعادة التغذية إلى طبقات المياه الجوفية في الكويت والبحرين تحدث عن طريق التدفق الجانبي من طبقات المياه الجوفية المكافئة في المملكة العربية السعودية، وتمثل هذه الأرقام معدلات التغذية تحت ظروف الاستقرار للمياه الجوفية steady state conditions حيث تكون معدلات التغذية متغيرة اعتمادًا على التدرج الهيدروليكي بين البلدين.
3- تقديرات الاحتياطيات غير المتجددة تستند إلى تقرير البنك الدولي
A water sector assessment report on the countries of the Cooperation Council of the Arab States of the Gulf (Washington: AGFUND, and World Bank, 2005), < http://documents.worldbank.org/curated/en/415761468052156362/A-water-sector-assessment-report-on-the-countries-of-the-Cooperation-Council-of-the-Arab-States-of-the-Gulf >.
بينما تم الحصول على الأرقام السنوية لهطول الأمطار من دراسة:
Al-Alawi, J, and Abdulrazzak, M. J., “Water in the Arabian Peninsula: problems and perspectives,” In: Water in the Arab World (USA: Division of Applied Sciences, Harvard University, 1994).
4- معدلات السحب للمياه الجوفية تمثل الأعوام 2012-2015.
تنقسم المياه الجوفية في دول مجلس التعاون إلى نوعين: المتجددة وغير المتجددة. تتكون المياه الجوفية المتجددة في الرواسب الغرينية الضحلة (الطمي) على طول قنوات الأودية الرئيسية والسهول الفيضية للأحواض. في بعض البلدان، مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، تُعد المياه الجوفية الضحلة المتجددة مورداً طبيعياً حيوياً لإمدادات مياه الشرب لكل من سكان المناطق الحضرية والريفية. وتعتمد تغذية طبقات المياه الجوفية على الأمطار الحديثة، بمعدل تغذية إجمالي يقدر بحوالي 5.2 مليار متر مكعب، مقارنة بمعدل سحب يتجاوز هذا الرقم بشكل كبير كما هو مبين في جدول (1.3.1). وقد تم استنزاف هذه المياه الجوفية بشكل مفرط يتجاوز معدلات التغذية في جميع دول المجلس، مما أدى إلى انخفاض كبير في مستوياتها المائية وتسرب عالٍ للمياه المالحة بداخلها (عن طريق مياه البحر المجاورة أو المياه الصاعدة من المناطق العميقة)، الأمر الذي نتج عنه تدهور في نوعية المياه، وإغلاق الآبار وهجرة الأراضي الزراعية وتوقف تدفق الينابيع الطبيعية.
تتواجد المياه الجوفية غير المتجددة، وتسمى كذلك بالأحفورية، في الطبقات الرسوبية العميقة التي اختزنت كميات كبيرة من المياه منذ آلاف السنين، خلال الفترات الجيولوجية البليستوسينية والبليوسينية الممطرة (قبل أكثر من 12,000 سنة مضت). وتقع أغلبية المياه الجوفية غير المتجددة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. تختلف جودة هذه المياه الجوفية العميقة بشكل كبير، وبعضها مناسب للاستهلاك المنزلي في مناطق قليلة فقط، ومعظمها يستخدم للأغراض الزراعية. يتم استخراج المياه الجوفية الأحفورية، ذات الاحتياطي المحدود، بشكل مكثف لتلبية متطلبات القطاع الزراعي، مما أدى إلى استنزاف سريع للخزان الجوفي. وتجلى ذلك في انخفاض حاد في مستويات وجودة مياهها. وتشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 35% من موارد المياه الجوفية غير المتجددة في المملكة العربية السعودية، قد استنفدت بحلول العام 1995 بسبب السياسات الزراعية الطموحة التي ركزت على تعظيم إنتاج الغذاء محلياً لتحقيق الأمن الغذائي.[5]
مياه التحلية
تم إدخال تقنية تحلية المياه في دول الخليج في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي وقد تطورت بسرعة كبيرة لمواجهة نقص المياه الجوفية وتدهور نوعيتها لتلبية المتطلبات النوعية لمعايير مياه الشرب. حالياً، تعتمد إمدادات المياه البلدية في المدن الرئيسية في دول المجلس بشكل أساسي على المياه المحلاة، والتي تُستخدم إما بشكل مباشر أو مخلوطة بنسب صغيرة مع المياه الجوفية. ويوضح شكل (1.3.4) تطور طاقة التحلية في دول مجلس التعاون، والتي ارتفعت من حوالي 2 مليار متر مكعب في عام 1990 إلى حوالي 8 مليار متر مكعب في عام 2017، وتتواجد معظم هذه الطاقة الإنتاجية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتباشر جميع دول مجلس التعاون العمل على مشاريع توسعة ضخمة لتحلية المياه، من أجل تلبية متطلبات النمو السكاني والتوسع الحضري، ومن المتوقع أن يستمر ذلك في المستقبل.
شكل 1.3.4: اتجاهات تطور طاقة تحلية المياه في دول مجلس التعاون الخليجي، 1990-2017
*المصدر: للأعوام 1990-2010: Al-Zubari et al., "An Overview"
للعام 2017:
Water Statistics Report in GCC countriesس (Muscat: GCC-STAT database, 2018) < https://dp.gccstat.org/en/DataAnalysis >.
إن تقنية التحلية الرئيسية المستخدمة في دول المجلس هي التقنية الحرارية، متمثلة بالتبخير الوميضي متعدد المراحل (MSF) وبالتبخير متعدد التأثير (MED). ولقد تم تبني تقنية التناضح العكسي الغشائية (RO)، التي تتطلب استخدام أقل كثافة للطاقة من بين التقنيات الحرارية تدريجياً في بعض محطات التحلية الكبيرة نسبياً التي تعمل الآن في عدد من الدول.[6]
مياه الصرف الصحي المعالجة
تشكل مياه الصرف الصحي المعالجة في دول مجلس التعاون الخليجي مصدراً مائياً متزايد الاستخدام، مدفوعاً بارتفاع استهلاك المياه في المناطق الحضرية. وفي الوقت الحالي، تقوم جميع دول الخليج الست بتشغيل محطات معالجة حديثة بقدرات معالجة ثلاثية ومتقدمة (الحمأة النشطة ويليها تعقيم). وقد ازدادت سعة المعالجة الإجمالية المصممة لمحطات المعالجة الرئيسية من 1.1 مليار متر مكعب/السنة في منتصف التسعينات إلى أكثر من 2 مليار متر مكعب/سنوياً حالياً. وتعد معظم أنظمة الصرف الصحي في دول مجلس التعاون الخليجي أنظمة مركزية، ومع ذلك، ففي السنوات القليلة الماضية بدأت بعض البلدان بالانتقال إلى النظام اللامركزي لمعالجة مياه الصرف الصحي. ويتم استخدام المياه المعالجة أساساً في الري الزراعي سواء للزراعة الإنتاجية أو التجميلية.
استخدامات المياه في دول مجلس التعاون
خلال العقود الأربعة الماضية، زاد إجمالي الطلب على المياه في دول مجلس التعاون بشكل كبير بسبب النمو السكاني المرتفع والتوسع الحضري والتطورات الزراعية والصناعية. وقد ارتفع إجمالي استخدامات المياه لجميع القطاعات في دول المجلس من حوالي 6 مليار متر مكعب في الثمانينات إلى أكثر من 30 مليار متر مكعب في عام 2015. وبشكل عام، فإن القطاع الزراعي هو المستهلك الرئيسي للمياه في دول الخليج (77%)، يليه القطاع البلدي (18%)، وأخيراً القطاع الصناعي (5%).[7] على مستوى الدول، يسود القطاع الزراعي في دول عمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بينما يمثل حوالي 40% فقط من إجمالي الطلب على المياه في كل من البحرين والكويت وقطر (الشكل 1.3.5).
شكل 1.3.5: نسبة استخدامات المياه القطاعية من إجمالي استخدامات المياه في دول مجلس التعاون، 2012-2015
ملحوظة: AGR = القطاع الزراعي، MUN = القطاع البلدي/الشرب، و IND = القطاع الصناعي.
*Source: Al-Zubari et al., "An Overview".
القطاع الزراعي
بدءاً من أواخر السبعينيات من القرن المنصرم، وجهت السياسات الاقتصادية في معظم دول المجلس الأولوية والدعم لتنمية الزراعة المروية والتوسع فيها. ولقد كان الأمن الغذائي الهدف الاقتصادي الرئيسي وراء ذلك، وتم استخدامه لتبرير التوسع في زراعة بعض الحبوب والمحاصيل عالية الاستهلاك للمياه. ولقد أدت هذه السياسات الاقتصادية في بعض الدول إلى تشجيع السحب الجائر للمياه الجوفية لاستخدامها في الري، مما أدى إلى زيادات كبيرة في كميات المياه الجوفية المستخرجة.[8] وفي جميع دول مجلس التعاون، تجاوزت الكميات المستخرجة بكثير الكميات المتجددة من المياه الجوفية، ويتم سد العجز المائي إما عن طريق الإسراف في سحب المياه الجوفية المتجددة أو استخراج المياه الجوفية غير المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، فإن استهلاك المياه الزراعية مبالغ فيه بسبب انتشار طرق الري التقليدية ذات الكفاءة المنخفضة للغاية، وزراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه (مثل الحبوب والأعلاف)، وحقوق استخراج المياه الجوفية غير المقيدة وغياب العدادات والتعرفة على استخدام المياه الجوفية في الري. ويعتمد القطاع الزراعي في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل أساسي على المياه الجوفية (تبلغ مساهمة المياه الجوفية 87% من احتياجات القطاع الزراعي) ويتم استكمالها بمياه الصرف الصحي المعالجة (الشكل 2.3.6)، والتي تتزايد نسبتها بمرور الوقت. ويوجد لدى دول مجلس التعاون الخليجي خطط طموحة للتوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في القطاع الزراعي لتحل محل المياه الجوفية المتدهورة، ولكنها ما زالت في أطوارها الابتدائية.
شكل 1.3.6: نسبة مساهمة مصادر إمداد القطاع الزراعي في دول المجلس (2012-2015)
*Source: Al-Zubari et al., "An Overview".
القطاع البلدي/المنزلي[9]
نتيجةً للنمو السكاني والتوسع الحضري، ازداد استهلاك المياه البلدية في دول مجلس التعاون بشكل سريع. على مدى حوالي 30 عاماً، تضاعف إجمالي استهلاك المياه البلدية في دول الخليج بأكثر من أربعة أضعاف، من حوالي 1 مليار متر مكعب في عام 1980 إلى أكثر من 5.8 مليار في عام 2016.[10] ويعتبر كذلك الطلب على المياه في القطاع البلدي مبالغاً فيه بسبب الكفاءة المنخفضة في جانبي العرض والطلب. فمن ناحية العرض، تعاني العديد من دول مجلس التعاون من نسب كبيرة نسبياً في فواقد شبكات إمداد المياه، بينما من ناحية الطلب، يعتبر استهلاك الفرد من المياه البلدية مرتفع نسبياً، حيث يصل إلى أكثر من 500 لتر يومياً في العديد من الدول. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدوير وإعادة الاستخدام في القطاع البلدي يكاد يكون معدوماً. وكما أشير سابقاً، فقد لجأت دول مجلس التعاون الخليجي بكثافة إلى تحلية المياه لتلبية الطلب المتزايد على المياه البلدية. حالياً، تعتمد جميع أنظمة إمدادات المياه البلدية تقريباً على تحلية المياه في دول مجلس التعاون (الشكل 1.3.7).
شكل 1.3.7: نسبة مصادر إمداد قطاع المياه البلدية/الشرب، 2012-2015
*Source: Al-Zubari et al., "An Overview".
القطاع الصناعي
منذ تسعينيات القرن الماضي، بدء القطاع الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي بالتوسع بشكل متسارع بسبب سياسات التنويع الاقتصادي نحو الصناعات غير النفطية التي اتبعتها دول الخليج في أوائل التسعينات. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الصناعات غير النفطية، بما في ذلك إنتاج الصلب والتعدين ومصانع الأسمنت والصناعات الغذائية وغيرها من الصناعات، إلى زيادة استهلاك المياه في هذا القطاع. ولقد ارتفع إجمالي استهلاك المياه في القطاع الصناعي في دول المجلس من حوالي 321 مليون متر مكعب في منتصف التسعينات، ومساوياً حوالي 1.3% من إجمالي استهلاك المياه في هذه الدول، إلى حوالي 1.3 مليار متر مكعب في عام 2010، وممثلاً حوالي 5.3% من إجمالي استهلاك المياه. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه المتزايد في المستقبل. وتعتبر المياه الجوفية والمياه المحلاة المصادر الرئيسية للقطاع الصناعي.
رابعاً: تحديات استدامة المياه في دول مجلس التعاون
يتمثل التحدي العام لاستدامة نظام إدارة المياه في دول مجلس التعاون في الزيادة المستمرة في ندرة المياه والزيادة المستمرة في تكاليف إمدادات المياه. [11] ويرجع ذلك إلى محدودية موارد المياه الجوفية في المنطقة والاستنزاف المستمر لها وتدهور جودتها من جهة، ومن جهة أخرى، يرجع إلى التكاليف المالية والاقتصادية والبيئية المتزايدة المرتبطة بالاعتماد على موارد المياه غير التقليدية، المتمثلة اساساً في تحلية المياه، للتعويض عن نقص المياه الناجم من الزيادة السريعة في متطلبات المياه للقطاعات. وهنالك تحدٍ آخر يواجه دول المجلس لا يقل أهمية ويتمثل في تأمين إمدادات مياه الشرب أثناء حالات الطوارئ والكوارث.
من المتوقع أن تزداد هذه التحديات مع مرور الوقت إذا ما استمرت القوى الدافعة الداخلية والخارجية لقطاع المياه في المستقبل. وتشمل القوى الدافعة الداخلية بشكل عام كفاءة المياه المنخفضة في جانبي الإمداد والاستخدام، وانخفاض معدلات إعادة استخدام المياه المعالجة، في حين تشمل القوى الدافعة الخارجية معدلات النمو السكاني والتوسع الحضري السريعين، ونظام الدعم العام السائد، وزيادة الطلب على الغذاء. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يمثل تغير المناخ وتقلباته قوى دافعة إضافية من شأنها أن تضيف مزيداً من الضغوطات على نظام إدارة المياه الحالي في دول المجلس وتزيد من قابليتها للتأثر. وفيما يلي استعراض لأهم التحديات بمزيد من التفصيل.
تلبية متطلبات القطاع البلدي والتكاليف المصاحبة
في ظل محدودية موارد المياه الطبيعية في دول مجلس التعاون الخليجي والزيادات السريعة في النمو السكاني والتوسع الحضري والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، من المتوقع أن تستمر تحلية المياه في اتخاذ دور متزايد في ملف إمدادات المياه في المنطقة. ففي الوقت الحالي، تقوم جميع دول المجلس بمشاريع توسعة ضخمة لتحلية المياه. وبشكل إجمالي، تمتلك دول الخليج أعلى تركيز لمحطات تحلية المياه في جميع أنحاء العالم، حيث تمتلك أكثر من 40% من طاقة التحلية العالمية (شكل 1.3.8)، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة في المستقبل.
شكل 1.3.8: توزيع طاقة التحلية في مناطق العالم
*Source: MENA Development Report, Beyond Scarcity: Water Security in the Middle East and North Africa (Washington: World Bank, 2018).
في حين تمكنت دول مجلس التعاون الخليجي من تلبية الطلب المتزايد على المياه البلدية كماً ونوعاً من خلال التوسع في محطات التحلية، فقد ارتبط ذلك بتكاليف مالية واقتصادية وبيئية عالية. وتتجلى هذه التكاليف في: 1) الطاقة المطلوبة (من نفط وغاز) لإنتاج المياه المحلاة[12] (بما في ذلك تكاليف فرصتها البديلة)؛ 2) التكاليف المالية وتكاليف الطاقة/الكهرباء لكل مرحلة من مراحل تشغيل نظام تحلية المياه (أي الإنتاج والنقل والتوزيع)؛ 3) التكاليف البيئية من حيث تصريف مياه الرجيع المالحة الحارة من محطات التحلية وتأثيرها على البيئة الساحلية والبحرية المحيطة، وتلوث الهواء الناتج عن حرق الوقود الأحفوري وتأثيره على صحة الإنسان والبيئة ومساهمته في انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
وبالإضافة إلى هذه التكاليف، هنالك خارجيات أخرى تتعلق باستهلاك المياه البلدية، وأهمها تلك المتعلقة بالكمية المتزايدة لمياه الصرف الصحي الناتجة، والمتمثلة في التكاليف المالية وتكاليف الطاقة لعملية معالجة مياه الصرف الصحي. وعلاوة على ذلك، هنالك تكاليف بيئية عند استقبال أحمال هيدروليكية زائدة عن سعة محطة المعالجة، مما يؤثر على كفاءة عملية المعالجة ويزيد من كميات التصريف إلى البيئات الساحلية والبحرية، والذي بدوره يؤثر سلباً على النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي.
تتزايد التكاليف المالية لقطاع المياه البلدية من خلال عاملين: 1) الدعم العالي لاستهلاك المياه البلدية وانخفاض التعرفة، والذي ينتج عنه نسب متدنية لاسترجاع التكاليف، والأهم من ذلك يؤدي إلى غياب آلية إرسال إشارة بالأسعار للمستهلك لتشجيع ترشيد المياه؛ 2) ارتفاع نسبة المياه غير المحسوبة.[13] ويبين (شكل 1.3.9) توزيع تكاليف المياه البلدية ومعدل استرجاع التكلفة. وبشكل عام، فإن المبلغ الإجمالي لدعم المياه البلدية مرتفع للغاية بالنسبة لغالبية دول مجلس التعاون، سواء من حيث مبالغ الميزانية أو كنسبة من عائدات تصدير النفط. ويؤدي انخفاض معدل استرجاع التكلفة في القطاع البلدي إلى إحداث عبء مالي ثقيل على الميزانية العامة لدول المجلس، كما يجعل القطاع أسيراً للمخصصات الحكومية، والتي تكون عرضة لتقلبات أسعار النفط، مما يؤثر في النهاية على الأداء العام للقطاع. وبالنظر إلى التوجهات الحديثة في نمو الطلب على المياه، فمن المرجح أن يكون العبء المالي المستقبلي كبيراً في دول المجلس. ومن ناحية أخرى، تعتبر فواقد المياه في العديد من دول مجلس التعاون مرتفعة وتمثل عاملاً رئيسياً إضافياً يؤثر على الكفاءة الاقتصادية لقطاع المياه البلدية.
شكل 1.3.9: معدل استرجاع تكلفة المياه في القطاع البلدي في دول المجلس
*Source: “Achieving a Sustainable Water Sector in the GCC: Managing Supply and Demand, Building Institutions,” Strategy&, and Price Waterhouse Cooper, 2014, < www.strategyand.pwc.com >.
تعتبر الخصخصة إحدى الإجراءات التي تم اتخاذها لتقليل التكلفة المرتبطة بتحلية المياه والتخفيف من أعبائها المالية. ولقد تبنت غالبية دول مجلس التعاون نظام خصخصة الإنتاج، حيث يتم بناء العديد من محطات تحلية المياه كمشاريع مستقلة للمياه والطاقة، وتقوم الحكومة بضمان شراء المياه المحلاة المنتجة من القطاع الخاص وتتولى عملية توزيعها. وعلاوة على ذلك، قامت بعض البلدان بإصلاح سياسات تعرفة المياه في محاولة لتعزيز استرداد التكاليف، بالإضافة إلى توفير حافز اقتصادي للاستخدام الرشيد للمياه. [14] وعلى المستوى التقني، بدأت العديد من دول الخليج باعتماد تحلية المياه باستخدام تقنية التناضح العكسي في المحطات الجديدة للتحلية وذلك للتقليل من استهلاك الطاقة وبالتالي تقليل التكاليف وخفض الآثار البيئية الضارة المرتبطة بها (مقارنة بتقنيات التحلية الحرارية).
على المستوى الاستراتيجي الأعلى، وعلى الرغم من إدخال تحلية المياه في المنطقة منذ خمسينات القرن الماضي، والاعتماد المتزايد على تحلية المياه في توفير إمدادات المياه، وامتلاك الحصة الأكبر الحالية والمستقبلية من طاقة التحلية على مستوى العالم، تظل تحلية المياه تقنية مستوردة في دول المجلس، حيث يوجد أكثر من 200 محطة تحلية كبيرة في دول المجلس، وجميعها تم تصنيعها خارج دول المجلس.[15] وفي مجال البحث والتطوير وتأهيل وتدريب العمالة الوطنية في مجال التحلية في دول المجلس هناك برامج محدودة جداً في بعض الدول وتتم بشكل فردي ومنعزل في كل دولة وبدون تنسيق بين دول المجلس. فمثلاً لا توجد برامج بحثية متقدمة مشتركة لدول المجلس في مجال تحلية المياه بين مراكز البحوث والجامعات الخليجية، كما أنه لا توجد تخصصات تعليمية للتحلية على مستوى البكالوريوس في الكليات والجامعات الخليجية، ولا توجد برامج للتدريب الفني والمهني في مجال تحلية المياه كتخصص رئيسي في دول المجلس. وبالإضافة لذلك توفر صناعة التحلية قيمة مضافة محدودة لاقتصادات دول مجلس التعاون من حيث التشغيل والصيانة، وتأهيل المحطات، وتصنيع قطع الغيار الرئيسية، وتأهيل العمالة المحلية والمتخصصين للعمل في صناعة تحلية المياه.
حالياً، يوجد عدد من المبادرات المدعومة من حكومات دول المجلس للتغلب على هذه المشكلة وتوطين تحلية المياه وتقليل تكاليفها وآثارها البيئية، ومن أهم هذه المبادرات مبادرة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية، ومبادرة "مصدر" في الإمارات العربية المتحدة. ولقد تم إطلاق مبادرة مدينة الملك عبد العزيز في العام 2010 وتهدف إلى استخدام الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة للمساهمة في الأمن المائي والاقتصاد الوطني للمملكة العربية السعودية، ويتم تطبيق ذلك في منطقة الخفجي حالياً. ويعتبر برنامج "مصدر" للطاقة المتجددة لتحلية المياه من أهم المبادرات الرائدة في المنطقة، ويتألف من إطلاق برنامج بحث وتطوير لاستخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه وتطوير تقنيات تحلية موفرة للطاقة وذات تكلفة تنافسية ومناسبة للعمل بالطاقة المتجددة على مرحلتين.[16] هدفت المرحلة التجريبية (2013-2017) إلى إظهار كفاءة استخدام الطاقة في تحلية أنظمة المياه على نطاق صغير، واشتملت على أربعة مصانع تجريبية تم تشغيلها على أساس مستمر لثمانية عشر شهراً على الأقل لإثبات موثوقية أداء التقنيات المتقدمة، أما المرحلة الثانية (2018-2020) فتهدف إلى تنفيذ هذه الأنظمة المتطورة لكفاءة الطاقة لتقنيات تحلية المياه على نطاق واسع في الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وتشغيلها بشكل تجاري بحلول العام 2020.
الاستنزاف وتدهور نوعية المياه الجوفية السريعين
يمثل مخزون المياه الجوفية، في كل من طبقات المياه الجوفية العميقة المتجددة الضحلة وغير المتجددة العميقة، مصدراً رئيسياً لإمدادات المياه الإجمالية في دول مجلس التعاون الخليجي. وتساهم المياه الجوفية حالياً بحوالي 78% من إجمالي إمدادات المياه في دول المجلس، وتمثل مصدر المياه الرئيس للقطاع الزراعي. كما أنها تساهم في إمدادات المياه البلدية/المنزلية (إما مباشرة أو بعد خلطها مع المياه المحلاة) في بعض دول المجلس، مثل عمان والمملكة العربية السعودية. وفي العقود الأربعة الماضية، أدى النمو السكاني السريع وارتفاع معدل الأنشطة الاقتصادية والسياسات الزراعية الطموحة في العديد من دول المجلس، إلى جانب عدم كفاية مستويات الإدارة، إلى عمليات سحب واسعة للمياه الجوفية، مما أدى إلى الإفراط في استغلالها واستنزافها. وتعاني جميع دول المجلس حالياً من عجز مائي يتجلى في الانخفاض المستمر في مستوى المياه وتدهور جودتها بسبب التملح (شكل 1.3.10). وبالإضافة إلى الاستغلال المفرط وتدهور النوعية، تتعرض موارد المياه الجوفية في المنطقة لتهديدات التلوث بالعديد من مصادر التلوث النفطية والمنتشرة الناتجة عن الأنشطة البشرية (أي الزراعية والصناعية والمنزلية).[17]
شكل 1.3.10: تدرج تملح المياه الجوفية بواسطة غزو مياه البحر في منطقة جنوب الباطنة في سلطنة عمان خلال الفترة 1995-2010، الملوحة بالميليغرام في اللتر.
*Source: Al-Amri, S., Abdalla, O., Liedl, R., “Groundwater Management of the South Al-Batinah, Interior Governorate, Sultanate of Oman,” In: proceedings of the WSTA 11th Gulf Water Conference, 2014, pp: 61-72, < https://wstagcc.org/WSTA-11th-Gulf-Water-Conference/WSTA-11th-Gulf-Water-Conference-Proceedings.pdf >.
لقد أصبح تدهور نوعية المياه الجوفية قضية أمنية خطيرة في معظم دول مجلس التعاون. فمع تدهور نوعية المياه الجوفية، إما عن طريق الاستغلال المفرط بالسحب الجائر أو التلوث المباشر، تتضاءل استخداماتها، مما يقلل من إمدادات المياه الجوفية، ويزيد من نقص المياه، ومن حدة مشكلة ندرة المياه. وسيؤدي تدهور نوعية المياه الجوفية إلى فقدان احتياطي استراتيجي كبير يمكن الاعتماد عليه أثناء حالات الطوارئ في توفير إمدادات المياه المنزلية، وسيكون له عواقب وخيمة على التنمية الاجتماعية والاقتصادية لدول مجلس التعاون، ولا سيما القطاع الزراعي، كما سيزيد من المخاطر الصحية.
تعتبر سياسات التنمية الزراعية في دول المجلس القوة الدافعة الرئيسية وراء كمية المياه المستهلكة في القطاع الزراعي، والتي تتفاقم أيضاً بسبب الكفاءة المنخفضة لغالبية طرق الري التقليدية، وزراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وعدم وجود تعرفة على استخراج المياه الجوفية، والدعم الكبير للطاقة المستخدمة في ضخ المياه الجوفية. ولا تزال طرق الري التقليدية هي الطريقة السائدة في معظم دول مجلس التعاون (60-75% من المساحات المروية)، مؤدية إلى فواقد عالية من المياه (قدرت كفاءة الري في دول المجلس بنسب 25-40%). وتمثل هذه الفواقد كميات هائلة من المياه عند مقارنتها بكمية المياه المستخدمة في القطاع الزراعي. علاوة على ذلك، ففي العقدين الماضيين، كان هنالك توجه عام نحو زراعة المحاصيل العلفية في المنطقة، وخاصة البرسيم، وهو محصول مستنزف للمياه بشكل كبير. يُعزى هذا التوجه إلى حقيقة أن البرسيم هو محصول ربحي ويتحمل الملوحة، ويمكن زراعته على مدار السنة وعليه طلب محلي عال. في معظم دول الخليج، لا توجد عدادات مثبتة على آبار المياه الجوفية، وفي كافة الدول لا توجد رسوم على استهلاك المياه الجوفية،[18] وكلاهما يشجعان على الهدر في استخدام المياه. ومثل هذه الظروف تجعل كذلك من الصعب مراقبة سحب المياه الجوفية والتحكم فيها. يؤدي تدهور نوعية مياه الري إلى انخفاض الإنتاجية وفي نهاية المطاف إلى التصحر وفقدان الأراضي الزراعية. ولا تؤدي مثل هذه الظروف إلى فقدان موارد المياه الجوفية فحسب، بل تقوض أيضاً مساعي الاستدامة المستقبلية للقطاع الزراعي نفسه.
عدم كفاية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (فرص ضائعة)
لقد أحرزت دول مجلس التعاون الخليجي تقدماً كبيراً في توفير خدمات الصرف الصحي الأساسية لمعظم سكانها، لا سيما في المناطق الحضرية، وهو جهد يستحق الثناء نظراً للزيادة السريعة في النمو السكاني والتوسع الحضري. وحالياً تشكل مياه الصرف الصحي في دول مجلس التعاون الخليجي مصدراً متزايد الاستخدام للمياه، مدفوعاً بتصاعد استهلاك المياه في المناطق الحضرية. وتتزايد حصة مياه الصرف في الميزانية المائية الإجمالية بمرور الوقت، وإن كان ذلك بمعدلات بطيئة في بعض الدول. وبالرغم من أن دول المجلس تقوم بمعالجة مياه الصرف الصحي معالجة متقدمة تصل إلى المرحلة الثلاثية في معظم محطاتها (أي التعقيم) وبما يسمح بإعادة استخدام هذه المياه للعديد من الأغراض، مثل الزراعة غير المقيدة، إلا أنه لا تزال عملية إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في مراحلها المبكرة في عدد كبير من الدول، ولم يتم دمج إمكانيات استخدام هذه المياه المتزايدة بشكل كامل ضمن خطط إدارة الموارد المائية الشاملة.
حالياً، يتمثل التحدي الإداري الأكبر في قطاع مياه الصرف الصحي في العديد من دول مجلس التعاون في انخفاض كفاءة استعادة تلك مياه، وعدم التوافق الكبير بين مستويات معالجة المياه وإعادة استخدامها. ففي العام 2017، وعلى الرغم من أن دول المجلس قامت بمعالجة حوالي 66% من مياه الصرف الصحي البلدية المجمعة، إلا أن إعادة استخدام هذه المياه المعالجة قدرت فقط بحوالي 35% (شكل 1.3.11). وفي بعض الدول، يتم تصريف الكثير من مياه الصرف الصحي المعالجة دون استخدام، حتى عند معالجتها إلى مستويات عالية، في البحر والأودية والبحيرات الاصطناعية. هنالك العديد من المحددات التي تؤدي إلى هذا المستوى المنخفض من إعادة الاستخدام، وتشمل الجوانب الاجتماعية-الدينية، والصحية-البيئية، ومحددات لوجستية متعلقة بالبنية التحتية من حيث إيصال هذه المياه من المناطق السكنية إلى المناطق الزراعية. وفي ظل ظروف ندرة المياه في دول مجلس التعاون، تمثل معدلات الاسترجاع وإعادة الاستخدام المنخفضة هذه فرصاً ضائعة كبيرة. ومع ذلك، فإن جميع البلدان لديها خطط طموحة للتوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة كمصدر استراتيجي بديل لتلبية احتياجاتها المستقبلية من مياه الري وتقليل الضغوطات على المياه الجوفية المستخدمة في الزراعة ووضع ضوابط الاستخدام للحد من مخاطرها الصحية والبيئية. كما أن هناك مجال كبير لاستخدام هذه المياه في القطاع الصناعي وخصوصاً في عمليات التبريد.
شكل 1.3.11: ديناميكية قطاع الصرف الصحي في دول المجلس في عام 2017
*Source: Water Statistics Report in GCC countries (Muscat: GCC-STAT database, 2018) < https://dp.gccstat.org/en/DataAnalysis >.
وهناك تحدٍ رئيسي آخر يواجه إدارة قطاع مياه الصرف الصحي البلدي في بعض دول مجلس التعاون، ويتمثل بمحدودية البنية التحتية والقدرة على تحمل الأحمال الهيدروليكية والبيولوجية المدفوعة بالطلب المتسارع على المياه البلدية، مما يؤدي إلى تصريف كميات كبيرة نسبياً من مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئياً إلى البيئة المحيطة. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى عدم وجود إدارة متكاملة للمياه البلدية والتخطيط المشترك بين قطاعي إمداد المياه والصرف الصحي.
قابلية تأثر عالية لنظام إمداد المياه البلدية
أحد التهديدات الرئيسية التي تواجه قطاع المياه في دول مجلس التعاون هو تأمين إمدادات المياه البلدية ومنها مياه الشرب أثناء حالات الطوارئ والكوارث. كما ذكر سابقاً، يعتمد نظام إمداد المياه البلدية في دول المجلس بشكل كبير على محطات تحلية المياه، ويتراوح من 100% في الإمارات العربية المتحدة إلى حوالي 55% في المملكة العربية السعودية، بمعدل اعتماد عام للمنطقة يبلغ حوالي 75% (شكل 2.3.7). وتأتي غالبية المياه المغذية لمحطات التحلية (باستثناء عُمان والمنطقة الغربية للسعودية وإمارة الفجيرة بالإمارات) من مياه الخليج العربي. وتعتبر قابلية تأثر محطات تحلية المياه مرتفعة جداً ومعرضة للخطر من جانب التهديدات التي قد تحدث في مياه الخليج العربي المغلق بسبب العديد من الأنشطة. ويمكن أن تكون هذه الأنشطة برية أو بحرية، طبيعية أو من صنع الإنسان، مقصودة أو عرضية. وتشمل هذه الأنشطة التلوث البيئي (مثل الانسكابات النفطية، والانسكابات الكيميائية، والمد الأحمر)، والتلوث البحري (مثل التلوث النووي ومياه الصرف الصحي)، والكوارث الطبيعية (مثل الأعاصير، وفيضانات مياه البحر)، والحروب الفعلية – لا سمح الله – كاستهداف مرافق تحلية المياه. ومن المخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها نظام إمداد المياه البلدية هي انقطاع التيار الكهربائي، واختراق نظام المعلومات والاتصالات ونظام التحكم عن بعد لنظام الإمداد (SCADA)، والتلويث المتعمد لأنظمة إمداد مياه الشرب.[19]
واستجابةً لهذه التهديدات المتعددة التي تتعرض لها أنظمة إمداد المياه البلدية، قامت غالبية دول مجلس التعاون بتنفيذ عدد من الخطط بهدف زيادة احتياطاتها الاستراتيجية من خلال خزانات تخزين المياه، سواء فوق الأرض أو تحتها، وكذلك من خلال شبكة ربط داخلية لنقل وتوزيع المياه الوطنية. ويبين (شكل 1.3.12) عدد أيام المخزون الاستراتيجي لحالات الطوارئ في دول المجلس. علاوة على ذلك، قامت بعض الدول بتنفيذ مخططات لتخزين واسترجاع المياه الجوفية (Aquifer Storage and Recovery Schemes)، حيث يتم تخزين فائض المياه المحلاة في خزانات المياه الجوفية لحالات الطوارئ، كما هو الحال في إمارة أبو ظبي.
شكل 1.3.12 طاقة التخزين لحالات الطوارئ في دول المجلس
*Source: Dawoud, M., Strategic Water Reserve: New Approach for Old Concept in GCC Countries (Abu Dhabi: Environment Abu Dhabi (EAD), 2014), < https://www.researchgate.net/publication/267803334_Strategic_Water_Reserve_New_Approach_for_Old_Concept_in_GCC_Countries >.
بالإضافة إلى هذه المخططات، تم اقتراح مشروع شبكة المياه الخليجية الكبير في عام 2014 لمعالجة حالات الطوارئ التي قد تنشأ من أحداث التلوث في الخليج العربي والتي قد تؤثر على تحلية المياه، ولتعزيز الأمن العام لنظام الإمداد المائي في دول المجلس على المستوى الإقليمي. وفي حين تم النظر إلى المشروع على أنه استراتيجي، فإن التكلفة التقديرية المرتفعة نسبياً للمشروع وما يليها من تكاليف التشغيل والصيانة دفعت دول مجلس التعاون إلى إعادة النظر في المشروع ومراجعته. ولقد أوصت الاستراتيجية الموحدة للمياه لدول المجلس 2035 (انظر القسم 5) بدراسة الربط المائي الثنائي بين دول مجلس التعاون المتجاورة ضمن مشروع شبكة المياه الخليجية، إلا أنه وحتى الآن لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه بين أي من دول المجلس.
تحديات جائحة كوفيد-19 لقطاع المياه في دول مجلس التعاون الخليجي
من التهديدات الناشئة مؤخراً لنظام إمداد المياه في دول مجلس التعاون هو جائحة كوفيد-19، والتي أدت إلى ظهور العديد من المخاطر التي لم تشهدها دول مجلس التعاون من قبل. ولقد أدى الوباء إلى رفع قضية النقص في الموارد البشرية إلى مستويات عالية في قائمة مخاطر توقف أنظمة إمداد المياه، مقارنة بتلك المتعلقة بتعطل البنية التحتية. ولقد تجلى تحدي نقص الموارد البشرية لعدة أسباب شملت القيود المفروضة على حركة الموظفين بسبب الإغلاق العام وحظر التجول (جزئياً أو كلياً)، وتعليق الرحلات الجوية، وإغلاق الحدود، وفترة العزل الذاتي في المنزل لمدة 14 يوماً (للقادمين من البلدان المتضررة من الجائحة أو الذين كانوا على اتصال وثيق بحالات محتملة أو مؤكدة).
واستجابةً لذلك، اتخذت دول المجلس العديد من الإجراءات للحفاظ على القوى العاملة لديها لضمان تشغيل خدمة مياه الشرب، وهو أمر بالغ الأهمية لاحتواء الجائحة وحماية السكان من مخاطر الصحة العامة الأخرى. ومن أهم هذه الإجراءات اعتبار العاملين في قطاعي إمداد المياه والصرف الصحي عمال أساسيين، مثل الصحة والشرطة والجيش والعمال الآخرين الذين يعد وجودهم على رأس عملهم أمراً بالغ الأهمية والسماح لهم بالذهاب للعمل أثناء ساعات حظر التجول. كما تم استكمال ذلك من خلال تواجد فقط الموظفين ذوي الوظائف الأكثر أهمية في أماكن العمل (حوالي 20-30% من القوة العاملة)، أما البقية فيؤدون عملهم عن بُعد من منازلهم من خلال الاعتماد على قنوات الاتصال الإلكترونية الافتراضية.[20]
نظراً لأن صناعة تحلية المياه لم تنضج بعد في المنطقة ولا تزال تمثل تقنيةً مستوردة، يتم استيراد نسب كبيرة من قطع الغيار الرئيسية والمواد الكيميائية المضافة والمستهلكة المتعلقة بهذه التقنية. وخلال جائحة كوفيد-19، أصبح النقص في قطع الغيار والمواد الكيميائية اللازمة لتشغيل محطات تحلية المياه مصدر قلق رئيسي، ويرجع ذلك لعدد من الأسباب تتضمن انخفاض المخزون من هذه القطع والمواد، وإغلاق الحدود، وتوقف المصانع في البلدان المصدرة بسبب الوباء. واستجابة لذلك، بدأت بعض دول مجلس التعاون في زيادة اعتمادها على المواد المنتجة محلياً أو في دول مجلس التعاون الأخرى. وعلى الرغم من عدم حدوث خلل كبير في الحصول على قطع الغيار والمواد الكيميائية الرئيسية، إلا أن النقص في هذه العناصر لا يزال مصدر قلق مع استمرار الجائحة لفترة أطول.[21]
التأثيرات المستقبلية لتغير المناخ على قطاع المياه
تم تقدير التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على الموارد المائية وقطاع المياه في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي في عدد من الدراسات كجزء من مهام التقييم على المستويين العالمي والإقليمي. وتشمل الدراسات العالمية تقرير التقييم الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الذي حدد المنطقة العربية/الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أنها إحدى المناطق الأكثر تضرراً من تغير المناخ، حيث ستصبح معظم المنطقة العربية أكثر دفئاً وستتعرض لانخفاض كبير في هطول الأمطار.[22] ولقد تم تأكيد هذه التوقعات من خلال تقارير متعددة،[23] من أهمها تقرير التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.[24] ولقد أكدت الدراسات التي أجريت على المستوى الإقليمي استنتاجات الدراسات العالمية وأشارت إلى أن غالبية الدول العربية تعاني بالفعل من عجز في موارد المياه المتجددة الداخلية والخارجية وأنه بحلول منتصف هذا القرن ستواجه جميع الدول العربية عجزاً خطيراً في المياه، مع استمرار عدم توازن الطلب والعرض. [25]
أُجريت أول دراسة متعمقة ومفصلة لتقييم آثار تغير المناخ على الموارد المائية في المنطقة العربية (تقرير تقييم تغير المناخ العربي (ACCAR)) في عام 2017 من قبل المبادرة العربية الإقليمية ريكار (RICCAR)[26]. وأشارت النتائج الرئيسية لدراسة التقييم هذه بأن درجات الحرارة في المنطقة آخذة بالازدياد وأنه من المتوقع أن ترتفع حتى نهاية القرن. وقد أظهر معدل التغيرات المتوسطة في درجة الحرارة لسيناريو انبعاث معتدل زيادةً بمقدار 1.2 إلى 1.9 درجة مئوية بحلول منتصف القرن، ومن 1.5 إلى 2.3 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. وبالنسبة للسيناريو المتطرف فقد تزيد من 1.7 إلى 2.6 درجة مئوية بحلول منتصف القرن، ومن 3.2 إلى 4.8 درجة مئوية في نهاية القرن. ومن المتوقع أن تكون أعلى الزيادات في متوسط درجات الحرارة في المناطق غير الساحلية وتشمل وسط وغرب شبه الجزيرة العربية. وعلاوة على ذلك، نوه التقرير إلى أن احتمالات هطول الأمطار ستنخفض عبر المنطقة حتى نهاية القرن. وعلى عكس ذلك، فإن بعض المناطق المحدودة، بما في ذلك جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، من المتوقع أن تشهد غزارة في هطول الأمطار.
ولقد تم دراسة قابلية تأثر قطاع المياه بتغير المناخ في المنطقة العربية باستخدام نهج الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC)،[27] الذي أشار إلى أن تعرض منطقة الخليج العربي للتغير المناخي معتدل نسبياً مقارنة ببقية المنطقة العربية. ويعود ذلك بشكل جزئي إلى أن هطول الأمطار المتوقع في المنطقة لن يتغير بشكل كبير، وأيضاً بسبب قدرتها العالية نسبياً على التكيف مقارنة بالمناطق الأخرى، ويتمثل ذلك في قدرات دول مجلس التعاون من حيث توفر الطاقة والأموال في توفير مياه الشرب من خلال التوسع في تحلية المياه للتغلب على المتطلبات المائية المستقبلية. إلا أن ذلك سيكون مصحوباً بتكاليف مالية واقتصادية وبيئية كبيرة. وعلاوة على ذلك، فإن الاستمرار في تحلية المياه باستخدام طاقة الوقود الأحفوري سيؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، الأمر الذي قد يتعارض مع الالتزامات الوطنية المحددة لدول مجلس التعاون ومع أهداف اتفاقية باريس 2015.
يشير ملخص تقارير الاتصالات الوطنية الخاصة بتغير المناخ لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي يتم رفعها بشكل دوري إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إلى أن الآثار الرئيسية المتوقعة من تغير المناخ هي: انخفاض الجريان السطحي وتغذية المياه الجوفية بسبب الانخفاض العام في هطول الأمطار، وتدهور في جودة المياه الجوفية الساحلية نتيجة غزو مياه البحر، والزيادات في الطلب على المياه للقطاعين الزراعي والمنزلي نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأحداث المدمرة (مثل الفيضانات المفاجئة) بسبب الزيادات في أحداث هطول الأمطار الشديدة.
خامساً: الاستراتيجية الخليجية الموحدة للمياه 2035
تمت مناقشة استدامة قطاع المياه من قبل المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي في قمته الحادية والثلاثين في أبو ظبي في ديسمبر 2010، والتي ركزت على المياه والتغير المناخي. وقد رفع "إعلان أبو ظبي" قطاع المياه إلى أحد القطاعات ذات الأولوية القصوى في المنطقة. [28] وفي عام 2016، تم ترجمة ذلك من قبل الأمانة العامة لدول مجلس التعاون من خلال صياغة الاستراتيجية الخليجية الموحدة للمياه 2016-2035،[29] والتي وافق عليها المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2016، وتم اعتمادها كاستراتيجية إرشادية عامة للاستراتيجيات الوطنية للمياه لدول مجلس التعاون الخليجي (القمة السابعة والثلاثون لدول مجلس التعاون الخليجي، المنامة، ديسمبر 2016). ويجسد تطور الاستراتيجية علامة فارقة في مواجهة ندرة المياه في دول مجلس التعاون. ويتمثل الهدف العام للاستراتيجية في إنشاء "نظام إدارة مستدام لقطاع المياه" في كل دولة من دول الخليج من خلال تأمين إمداد المياه على المدى الطويل مع تلبية المعايير الصارمة للاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والمالية والبيئية ومتطلبات الصحة العامة. وتنص رؤية الاستراتيجية على أنه "بحلول عام 2035، تكون دول مجلس التعاون الخليجي قد أنشأت أنظمة إدارة موارد مائية مستدامة وفاعلة وعادلة وآمنة تساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة."
ولقد أكدت الاستراتيجية الموحدة للمياه في دول المجلس على تحسين الحوكمة والإدارة للمياه، وإنشاء مؤسسات قوية وقادرة، وتغيير سلوك المستخدمين، وتشجيع استثمارات البحث والتطوير في تكنولوجيا المياه. وترمي أهدافها الاستراتيجية، الموضحة في (جدول 1.3.2)، إلى توطين تقنيات تحلية المياه ومعالجة المياه في المنطقة، وحماية مصادر المياه الجوفية من النضوب والتدهور، وتعظيم معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، وزيادة كفاءة المياهفي القطاعات المستهلكة لها، وتحسين إدارة قطاع المياه، وزيادة الكفاءة الاقتصادية وتعزيز الاستدامة المالية لقطاع المياه.[30] وبالإضافة إلى العديد من الفوائد المتتالية والمساهمة في الأهداف التنموية لدول مجلس التعاون، فإن تنفيذ الأهداف الاستراتيجية سيساعد في ضمان إمدادات مياه موثوقة ومستدامة على المدى الطويل وتعزيز المستوى العام للأمن المائي. إلا أنه ومنذ أن تم الإعلان عنها في ديسمبر 2016، لم تنجح الاستراتيجية في تحفيز أو استكمال الاستراتيجيات الوطنية للمياه إلا في عدد قليل من دول الخليج، في حين تم تعليق جميع البرامج والأنشطة الإقليمية المشتركة للاستراتيجية بسبب المناخ السياسي السائد في المنطقة.
جدول 1.3.2: الأهداف الاستراتيجية للاستراتيجية الموحدة للمياه لدول مجلس التعاون.
المجال الأول: تـنميـة واسـتـدامـة مـوارد الـمـياه |
الهدف الأول: اكتساب الـتطورات الـتـقـنـية، وتصنيع محطات تحليـة الميـاه المالحة، ومحطات تنقية الـميـاه، وتـنـويع موارد الطاقة. الهدف الثاني: تـنميـة وحماية مـوارد المياه الـتـقـليدية. الهدف الثالث: زيادة تجميع مياه الصرف الصحي، ورفـع مـستوى معالجـتها، وزيادة الاسـتخـدام الاقـتصادي والآمـن لمياه الصرف الـصحي المعالجة والحمأة. |
المجال الثاني: اسـتـخـدام مـوارد الـميـاه بكـفـاءة وعــدالـة |
الهدف الرابع: تحـقـيـق أعـلى الـمعايـير الـدوليـة في تـقـديـم خـدمات الـمياه والـصرف الـصحي. الهدف الخامس: رفـع كـفـاءة الـمياه وإدارة الطـلـب في الـقـطـاعـات الـبـلديـة والـصناعـية. الهدف السادس: تحويل القطاع الزراعي إلى قطاع ذي كـفاءة عـالية، ويـتوافـق مع موارد الـمياه المتاحـة. |
المجال الثالث: تعـزيـز أمـن إمـدادات الميـاه البـلديـة |
الهدف السابع: تـأمين إمـدادات الـمياه أثـناء حـالات الـطوارئ والـكوارث. |
المجال الرابع: الحـوكـمة الـفـاعـلة والـتـوعـيـة |
الهدف الثامن: تحـسيـن الحـوكـمة، لتحقـيـق إدارة فـاعـلة ومتـكاملة لـموارد الـمياه. الهدف التاسع: تحـقـيـق مجتـمع موجـه مائـيًا في دول مجـلس الـتعـاون. |
المجال الخامس: الكـفـاءة الاقـتـصاديـة والاستـدامـة الـمالـيــة |
الهدف العاشر: خـفـض التـكاليـف الاقـتصادية لإمـدادات الـمياه، وزيـادة اسـترداد الـتـكلـفة مـع الاحتـفـاظ بجـودة الخـدمـة. |
*Source: Al-Zubari et al., "An Overview".
سادساُ: الاستنتاج والتوصيات
لتلبية الطلب المتزايد باستمرار على المياه، ركزت دول مجلس التعاون على نهج إدارة جانب العرض لتأمين إمدادات المياه، ويتجلى ذلك من خلال زيادة طاقة تحلية المياه، وسحب المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة. ومن الواضح أن هذا النهج لا يمكن أن يكون حلاً طويل الأمد لندرة المياه في دول المجلس، أو نهجاً لتحقيق مستويات أعلى من استدامة قطاع المياه. فسوف تحتاج دول مجلس التعاون إلى تحويل تركيزها من ضمان "استدامة العرض" إلى ضمان "استدامة الاستهلاك". وللقيام بذلك، سيتعين على دول مجلس التعاون مراجعة وإصلاح سياساتها وممارساتها الحالية في إدارة المياه، وتنفيذ تحول إلى زيادة الكفاءة وإدارة جانب الطلب. ويتمثل الهدف الاستراتيجي في إنشاء أنظمة إدارة مياه فاعلة، ومرنة، ومستدامة يمكنها التعامل مع تحديات المياه وحالات عدم اليقين في المستقبل. وتمثل الاستراتيجية الخليجية الموحدة للمياه إطاراً مناسباً لمثل هذا التحول على المستويين الوطني والإقليمي.
تتمثل المجالات الرئيسية لتدخلات الإدارة لتحقيق استدامة أكبر للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي في خفض معدل استهلاك الفرد من المياه، والحد من تسرب شبكة التوزيع في قطاع المياه البلدية؛ والتحكم في استهلاك المياه الزراعية، وزيادة كفاءة الري، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لخفض الضغوط على مصادر المياه الجوفية. ولتحقيق ذلك هناك أساساً ثلاث أنواع من السياسات التي يمكن تطبيقها، وهي سياسات هيكلية وتشغيلية (مثل استخدام العدادات، وتركيب أجهزة توفير المياه، والتحكم في التدفق، وإعادة التدوير، إلخ)، واجتماعية (مثل التعليم والتوعية، وقوانين البناء، ووضع ملصقات الكفاءة على الأجهزة المنزلية، إلخ)، واقتصادية (الحوافز والمثبطات). وتكون هذه السياسات ذات فاعلية عالية إذا ما تم استخدامها أكثر من واحدة منها بالتزامن أو جميعها معاً. وتهدف تدخلات إدارة جانب الطلب إلى استكمال السياسات الهندسية المستخدمة حالياً في جانب العرض والمتمثلة في توسيع محطات تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة وإنشاء السدود والتغذية الاصطناعية للمياه الجوفية. إن العوامل التمكينية الرئيسية لتحقيق مثل هذه التحولات نحو إدارة الطلب وزيادة الكفاءة، وكذلك لتعزيز التكيف مع تغير المناخ، تكمن في تنمية القدرات (المؤسسية والفردية)، وزيادة وعي أصحاب المصلحة، وتحسين إدارة قطاع المياه، بما في ذلك صياغة تشريعات المياه الحديثة.
علاوة على ذلك، ونظراً لكون الاعتماد على إمداد المياه غير التقليدية، مثل تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، سيستمر وبشكل متزايد في المستقبل، فإن الحصول على هذه التقنيات وتوطينها في المنطقة يصبح هدفاً استراتيجياً ملحاً لضمان استدامتها كمصادر للمياه، ولتوفير قيمة مضافة لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي وتعزيز أمنها المائي والقومي. وفوق ذلك، نظراً لأن تحلية المياه كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتعتمد بشكل أساسي على الوقود الأحفوري، وترتبط بآثار بيئية سلبية مصاحبة لها (انبعاثات غازات الدفيئة وتلوث البيئة الساحلية والبحرية)، فإن تطوير الطاقة المتجددة لاستخدامها في تحلية المياه وتخفيف مخاطر التحلية على المناطق البحرية المحيطة، يجب أن يعطى الأولوية في أي بحث وتطوير متعلق بتحلية المياه.
شكر وتقدير
يود المؤلف شكر الباحثة فاديا محمد لمساعدتها في ترجمة الدراسة وتدقيق المراجع وجمع البيانات.
لقراءة الجزء التالي من الاصدار
[1] كما سيتم تعريف استدامة المياه في الأقسام القادمة، وسيتم تناول استدامة المياه من منظور استدامة "النظام الإداري" وليس من منظور "استدامة الموارد".
[2] Progress Report about the Performance towards the Achievement of sustainable development goals 2030 in the GCC countries (Muscat: Statistical Centre for the Cooperation Council for the Arab Countries of the Gulf, 2020) Report #3, < https://www.gccstat.org/images/gccstat/docman/publications/SDG2020_1.pdf >.
[3]يتم استخدام حصة الفرد من المياه في الدول كمؤشر عام للإجهاد المائي فيها، وبحسب هذا المؤشر يمثل المعدل 1700 متر مكعب للفرد سنوياً من المياه المتجددة الحد الفاصل بين الندرة والوفرة المائية، ويبدأ تصنيف الدول على أنها مجهدة مائياً، وإذا انخفض المؤشر عن 1000 متر مكعب للفرد في السنة تصنف الدول على أنها واقعة تحت خط الفقر المائي وسينعكس ذلك سلبا على التنمية الاجتماعية والاقتصادية فيها، أما إذا قلت عن 500 متر مكعب للفرد في السنة، أو ما يسمى بخط الفقر المائي الحاد أو المدقع، فإن المياه تصبح عائقاً رئيسياً للتنمية ويمكن أن تتسبب في تدني مستوى المعيشة والصحة والبيئة، كما جاء في:
Falkenmark, M., “The Massive Water Scarcity Now Threatening Africa: Why isn’t it being addressed?” Ambio, vol. 18, 1989, pp. 112–118.
[4] Al-Zubari, W., AbdulAziz Al-Turbak, Walid Zahid, Khalid Al-Ruwis, Ali Al-Tkhais, Ibrahim AAl-Muataz, Ahmed AAbdelwahab, Ahmed Murad, Meshari Al-Harbi, and Zaher Al-Sulaymani. “An Overview of the GCC Unified Water Strategy (2016–2035),” Desalination and Water Treatment, 2017, vol. 81, pp 1–18, < doi:10.5004/dwt.2017.20864 >.
[5] Al-Turbak, A, Water in the Kingdom of Saudi Arabia: Policies and Challenges (Future Vision of the Saudi Economy Symposium organized by the Ministry of Planning, 2003).
[6] للمزيد من المعلومات عن تقنيات التحلية يمكن الرجوع إلى موقع: < https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87 >.
[7] Al-Zubari, W., and others, “An Overview of the GCC Unified Water Strategy (2016–2035),” Desalination and Water Treatment, 2017, vol. 81, pp 1–18, < doi:10.5004/dwt.2017.20864 >.
[8] الأسعار المدعومة للبنزين والكهرباء، والائتمان المدعوم لشراء مضخات المياه ومعدات الري، والإعفاءات من الرسوم الجمركية على استيراد الأسمدة والمعدات، والأسعار المدعومة لبعض المنتجات الزراعية، والحماية من المنافسة الأجنبية في الأسواق المحلية، كلها أمثلة على الأدوات المستخدمة في تنفيذ هذه السياسات الاقتصادية الزراعية. ومن الواضح أن أياً من هذه السياسات لم تخضع لتقييم جاد من حيث تأثيرها على استدامة مصادر المياه الجوفية.
[9] المياه البلدية هي المياه التي توفرها شبكة التوزيع البلدية، وتشمل المنازل، والمرافق التجارية والحكومية والمباني العامة، وغيرها. وفي دول مجلس التعاون الخليجي يعتبر القطاع المنزلي هو المكون الرئيسي للقطاع البلدي.
[10] Al-Alawi, J, and Abdulrazzak, M. J., “Water in the Arabian Peninsula: problems and perspectives,” In: Rogers, P, and Lydon, P (eds.), Water in the Arab World, Perspectives and Prognoses (USA: Division of Applied Sciences, Harvard University, 1994).
Water Statistics Report in GCC countries (Muscat: GCC-STAT database, 2018) < https://dp.gccstat.org/en/DataAnalysis >.
[11] تُقاس ندرة المياه عموماً بنصيب الفرد من موارد المياه المتجددة؛ تتسم دول مجلس التعاون الخليجي بأدنى نصيب للفرد من موارد المياه العذبة على مستوى العالم، مع قيم أقل بكثير من عتبة ندرة المياه المطلقة البالغة 500 متر مكعب/سنة كما جاء في:Falkenmark, M., “The Massive Water Scarcity Now Threatening Africa: Why isn’t it being addressed?” Ambio, vol. 18, 1989, pp. 112–118. والتي تستمر في الانخفاض بسرعة مع النمو السكاني. ولقد تم تقدير متوسط توفر المياه العذبة للفرد في دول الخليج بحوالي 93 متر مكعب/سنة في العام 2020.
[12] تعد تقنية التحلية الحرارية هي السائدة حالياً في دول مجلس التعاون كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتستهلك بنسب تنذر بالخطر جزء كبير من موارد الطاقة وتهدد مصدر الدخل الرئيسي لدول مجلس التعاون. وغالبية محطات التحلية في المنطقة هي محطات تحلية مزدوجة لتوليد الطاقة وإنتاج المياه، وتمثل تكاليف الطاقة فيها حوالي 85٪ من تكاليف تشغيلها، فضلاً عن ضغوطها العالية نسبيا على البيئة.
[13] تتضمن هذه ثلاث مكونات: الخسائر الحقيقية (التسرب)، والخسائر الظاهرية (الخطأ في عدادات المياه، وأخطاء معالجة البيانات، والسرقة)، والاستهلاك من دون فواتير المصرح به (الإعفاءات).
[14] في عام 2016، تمت مراجعة تعرفة المياه البلدية في المملكة العربية السعودية وبعض الإمارات في دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
[15] Dawoud, M., and Al-Mulla, M.M., “Environmental Impacts of Seawater Desalination: Arabian Gulf Case Study,” International Journal of Environment and Sustainability, 2012, issue 1, vol. 3, pp 22-37, < DOI: 10.24102/ijes.v1i3.96 >.
[16] برنامج تحلية المياه بالطاقة المتجددة < https://masdar.ae/en/masdar-clean-energy/projects/ghantoot-desalination-pilot-plant >.
[17] Rizk, Z. E., “Determining the sources of nitrate pollution of the Liwa Quaternary Aquifer in the United Arab Emirates,” In: proceedings of the WSTA 11th Gulf Water Conference, 2014, pp 120-136, < https://wstagcc.org/WSTA-11th-Gulf-Water-Conference/WSTA-11th-Gulf-Water-Conference-Proceedings.pdf >.
[18] الجدير بالذكر أنه في العام 2016/2017، طبقت البحرين تعرفة على استخدام المياه الجوفية للأغراض الصناعية.
[19] Al-Zubari et al., "An Overview".
[20] A-Zubari, W. and Al-Rashidi, “Impact of COVID-19 Pandemic on Water Supply and Sanitation in the GCC Countries: Challenges and Lessons Learned,” In: Saab, N., and Habib, R. R. (Ed.), AFED 2020 Report: Health and the Environment in Arab Countries, pp 87-90, < http://www.afedonline.org >.
[21] Ibid.
[22] AR4 Climate Change 2007: Impacts, Adaptation and Vulnerability (Intergovernmental Panel on Climate Change, 2007) < https://www.ipcc.ch/report/ar4/wg2/ >.
[23] Bates, B.C., Kundzewicz, Z.W., Wu S. and Palutikof, J.P., eds. Climate Change and Water (Geneva: IPCC Secretariat, 2008), IPCC Technical Paper 6, “Intergovernmental Panel on Climate Change,” < https://www.ipcc.ch/publication/climate-change-and-water-2/ >..
Evans, Jason P., “21st Century Climate Change in the Middle East,” Climatic Change, 2009, issue 92, vol. 3, pp 417–32, < https://www.researchgate.net/publication/225820589_21st_century_climate_change_in_the_Middle_East >.
[24] AR5 Climate Change 2014: Impacts, Adaptation, and Vulnerability (IPCC Secretary, 2014), “Chapter 3: Freshwater Resources.” < https://www.ipcc.ch/site/assets/uploads/2018/02/WGIIAR5-Chap3_FINAL.pdf >.
[25] Renewable Energy Desalination: An Emerging Solution to Close MENA's Water Demand Gap. (Washington, DC: World Bank. 2012a) < https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/11963 >.
Verner, Dorte, eds., Adaptation to a Changing Climate in the Arab Countries (Washington, DC: World Bank, 2012b) <DOI: 10.1596/978-0-8213-9458-8 >, < https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/12216 >.
[26] ريكار: المبادرة الإقليمية لتقييم آثار تغير المناخ على الموارد المائية وقابلية التأثر الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة العربية. قدم التقرير توقعات النمذجة المناخية الإقليمية (RCM) والنمذجة الهيدرولوجية الإقليمية (RHM) للمنطقة العربية حتى عام 2100، بناءً على السيناريوهات المناخية التي تبنتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تقريرها AR5 (2014)، وبالتحديد سيناريوهات RCP4.5 وRCP8.5. وبحث آثار تغير المناخ على الموارد المائية المشتركة وكذلك على قابلية تأثر المياه، والزراعة، والنظم البيئية، والمستوطنات البشرية، والسكان بتغير المناخ في المنطقة العربية. تم أيضًا دراسة تكرر حدوث الفيضانات، والجفاف، وإنتاجية المحاصيل (المياه اللازمة لزراعة المحاصيل وتربية الماشية)، وصحة الإنسان (بما في ذلك مياه الشرب) في إطار هذين السيناريوهين. RCP = مسارات التركيز التمثيلية هي مسارات تركيز غازات الاحتباس الحراري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (وليس الانبعاثات) لكل جزء من المليون حسب الحجم، والتي اعتمدتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تقرير التقييم الخامس (AR5) في عام 2014. يحتوي AR5 على أربعة توقعات بعنوان: RCP2.6 ، RCP4 .5 ، RCP6.0 ، RCP8.5.
Arab Climate Change Assessment Report (Beirut: United Nations Economic and Social Commission for Western Asia, 2017), < E/ESCWA/SDPD/2017/RICCAR/Report < www.riccar.org >.
[27] قابلية التأثر هي نتيجة عدد من العوامل تشمل " قابلية التعرض للضرر" و"الحساسية" و"القدرة على التكيف" للتعامل مع تأثيرات تغير المناخ.
[28] "إعلان أبو ظبي، يدعو إلى استراتيجية خليجية شاملة بعيدة المدى بشأن المياه وتغيير المناخ،" صحيفة الاتحاد، 8 ديسمبر 2010، < http://www.alittihad.ae/details.php?id=84811&y=2010&article=full >.
[29] Al-Zubari et al., "An Overview".
[30] كفاءة المياه تعني كفاءة الإمداد وكفاءة الاستخدام والتدوير وإعادة الاستخدام.