البيئة في الخليج
1.5 المواطنة البيئية في الخليج: حالة الكويت - ريم العوضي
-
الزيارات: 1650
مقدمة
تقوم هذه الورقة باستعراض مفهوم المواطنة البيئية وإمكانية تطبيقه في الخليج، آخذة الكويت كحالة دراسة. وتجادل الورقة أن مفهوم المواطنة البيئية مهم لفهم ودفع الحراك المجتمعي حول البيئة في الخليج. ففيما يتعلق بدول الخليج العربي، بما فيها الكويت، فهناك نقص في البيانات المتعلقة بموقف المواطن تجاه البيئة. وبينما تناقش بعض الدراسات المتوفرة المواقف تجاه المسؤولية البيئية من منظور المستهلك، فإنها مع ذلك لا تقدم فهماً عميقاً لما يحفز هذه المواقف وسبل تحشيد السلوك المؤيد للبيئة بين الأفراد.
استخدمت هذه الدراسة سلسلة من المقابلات في إطار النظرية المجذرة (Grounded Theory)، التي تعد إحدى وسائل البحث النوعي، حيث تشمل مجموعة من الخطوات العملية لبناء نظرية مُحكمة في الموضوع قيد الدراسة من خلال تحليل المقابلات وتحديد الأفكار الرئيسية التي تضمنتها هذه المقابلات، وصياغة نظرية شاملة حول الموضوع. وستسمح هذه المنهجية بتوجيه مفهوم المواطنة البيئية في دول الخليج الذي نسعى لصياغته. ويجدر بالذكر أن النظريات والتعريفات المتعلقة بالمواطنة البيئية مبنية في الغالب على الدراسات الأوروبية والأمريكية، وما زالت تمثل موضوعاً لم يدرس جيداً بعد في دول الخليج والكويت.
بداية تستعرض الورقة تعريف المواطنة البيئية وأهم المصطلحات المستخدمة في هذا الحقل، ثم في الباب الثاني تتناول الآليات المعتمدة في هذه الدراسة، ما يقودنا إلى عرض المقومات الثلاثة التي استخلصتها الدراسة حول المواطنة البيئية في الكويت في الباب الثالث، ومن ثم التعرض لكل منها بالتفصيل. وفي الباب الرابع والأخير تقدم الورقة بعض التوصيات المهمة لتفعيل تلك المقومات في الكويت.
أولاً: مفهوم المواطنة البيئية (Environmental Citizenship)
تطور مفهوم المواطنة الحديث في عدة أشكال، حيث تم توسعة نطاقه على مدى العقود الماضية بما يتجاوز العلاقات التعاقدية بين المواطنين والدولة التي كانت اساس المفهوم الكلاسيكي للمواطنة.[1] على سبيل المثال، تنطوي مفاهيم علوم المواطنة والمواطنة التكنولوجية والمواطنة الاجتماعية على مقاييس مختلفة لك منها (محلية إلى عالمية)، وتتضمن إجراءات مختلفة (التطوع، والمظاهرات، والمشاركة المجتمعية، وتبادل المعرفة) التي تتجاوز متطلبات الانتماء لدولة معينة والاستحقاقات والحقوق التي تربط المواطن بوطنه، بل تمتد هذه الحقوق والواجبات تجاه البيئة الطبيعية بغض النظر عن الموقع الجغرافي.[2] فأثناء السفر مثلاً نجد أن المواطن البيئي سيحافظ على بيئته ومحيطة بناء على مبادئ المواطنة البيئية أولا ثم يرجع إلى القوانين البيئية المعتمدة في الدولة التي قام بزيارتها. لذا تعتبر المواطنة البيئية من المفاهيم الحيوية التي يتم استخدامها لتعزيز مسؤولية المواطن تجاه البيئة. كما أن للمواطنة البيئية دور فعال في تشكيل سلوكيات وقوانين صديقة للبيئة على مستوى الأفراد والمؤسسات، مما يساند ويحث على توجه الدول نحو الاستدامة البيئية. ويعتبر دمج مفاهيم المواطنة البيئية في مناهج التعليم من أهم العوامل التي قد تأصل مفهوم المواطنة البيئة في الكويت وتسهم في فهم كيفية تبلور الحركة البيئية في الكويت بطريقة مثرية ومجدية، بحيث تساعدنا على إدراك أفضل الأساليب لربط الأفراد مع وسطهم البيئي وإعادة تعزيز علاقة المواطنين مع بيئتهم الطبيعية. هكذا فإن المواطنة البيئية تمثل وسيلة لممارسة وتفعيل الوعي البيئي من خلال اكتساب المعرفة العملية المتعلقة بالمشاركة المدنية والبيئية.
يقوم مفهوم المواطنة، وفقاً لنظرية بريان تورنر، على محورين أساسيين. الأول يتعلق بالطبيعة الإيجابية أو السلبية للمواطنة، أي ما إذا كانت المواطنة في مجتمع ما قد تم تطويرها على مستوى الدولة أم على مستوىً مؤسسي تشاركي أدنى.[3] والثاني يشمل العلاقة بين المجالين العام والخاص في المجتمع المدني. ويجادل أندرو دوبسون بأن تصنيف تورنر للمواطنة ليس واسعاً بما يكفي، لأنه يأخذ الإقليمية كأمر مسلم به ولا يأخذ في الاعتبار مسألة "الفضائل المدنية" (citizen virtue). وعليه، يقترح دوبسون أربعة عوامل تمثل صورة أشمل للمواطنة المعاصرة مقارنة بمفهوم تورنر: (1) الحقوق والواجبات؛ (2) المفاهيم الإقليمية وغير الإقليمية؛ (3) موقع المواطنة في المحيط العام أو الخاص؛ (4) مدى تأثير الفضائل والقيم المدنية على سلوك الأفراد في المجتمع.[4]
ورغم أن المواطنة كممارسة تعتبر في العادة جزءاً من حراك المجال العام في حدود الدولة القومية،[5] فإن مفهوم المواطنة البيئية لدى دوبسون يقوم بتوسيع الإطار النظري ليشمل الممارسات البيئية التي تتجاوز المركّبات الاجتماعية والسياسية التقليدية، مثل السلوكيات الفردية أو المجتمعية المدفوعة بالتزام قيم العدالة والمساواة والفضائل المدنية المرتبطة بها. وهذا ما يسمح لدوبسون بأن يشدد على الحاجة إلى استهداف السلوكيات التي تعزز فضائل المواطنة البيئية التي لا تساوم على أولويات "السوق" المبنية على الرأسمالية وتنميتها بدلاً من التركيز على السياسات البيئية.[6] من هذا المنطلق يرجِّح دوبسون أن مشاركة الأفراد والمجتمعات في صنع القرار على قاعدة من المبادئ المشتركة من شأنها أن تقدّم آليةً فعّالة لاقتراح البدائل في المنظومات البيئية غير المستدامة، حيث يمكن الشروع في تحديد تلك القاعدة المشتركة من خلال البرامج التعليمية والتوعوية وتشجيع نموذج الحوار بين الأفراد وصناع القرار. وسوف نقوم بالاسترشاد بنموذج دوبسون للمواطنة في هذه الدراسة، أي أننا سوف نأخذ بالاعتبار كل من الأبعاد السياسية والاجتماعية التقليدية للمواطنة فضلاً عن الأبعاد الأخلاقية المتعلقة بالفضائل المدنية، دون تحديد الإطار بحدود الإقليم أو المجتمع المحلّي بالضرورة.
ثانياً: دراسة المواطنة البيئية في الكويت
استمر جمع البيانات لهذه الدراسة لمدة 9 أشهر، من نوفمبر 2017 إلى مايو 2018 ومن أكتوبر 2018 إلى نوفمبر 2018. وقد تم جمع المادة بناء على منهجية البحث النوعي من المصادر التالية:
- إجراء مقابلات مع 15 من موظفي الهيئة العامة للبيئة في الكويت.
- إجراء مقابلات مع 15 من قادة ومتطوعي المنظمات غير الحكومية البيئية في الكويت.
- مراقبة نشاط المشتركين والمتطوعين في الدراسة في ميدان العمل البيئي.
- دراسة المستندات والوثائق البيئية.
- كتابة المذكرات اليومية من قبل الباحث.
- إجراء تحليل مقارن مستمر للبيانات.
- استخدام محتوى وسائل التواصل الاجتماعي.
بينما اشتملت الفعاليات البيئية لجمع البيانات النوعية على:
- 6 ورش عمل بيئية عامة نظمتها مجموعات بيئية ومدنية مختلفة في الكويت.
- 6 حملات لتنظيف الشواطئ العامة.
- 4 اجتماعات بين إدارات الهيئة العامة للبيئة لمناقشة الاستراتيجيات البيئية.
- 5 ندوات تثقيفية بيئية من قبل مجموعات بيئية مختلفة.
- 6 مبادرات خضراء مجتمعية مثل ركوب حافلات النقل العام، والبستنة، وغرس الأشجار، ومبادرات إعادة التدوير.
- اجتماعين خاصين من قبل مجموعتين بيئيتين محليتين لمناقشة المشاريع البيئية المستقبلية.
ثالثاً: مقومات المواطنة البيئية الثلاث في الكويت
تم استخلاص ثلاث مقومات لمفهوم المواطنة البيئية في الكويت اعتماداً على مصادر الدراسة المذكورة، وهي:
- علاقة الإنسان بالبيئة والشعور بالمكان.
- علاقة المواطنة البيئية بالقيم الإسلامية.
- أهمية التعليم والمشاركة المجتمعية.
وقد تم استخراج هذه المقومات بناءً على تجارب الأفراد وتفاعلاتهم مع بيئتهم الطبيعية وكذلك بناءً على تعبيرهم عن القيمة التي يحظى بها ذلك المحيط بالنسبة لهم وارتباطهم التاريخي به. وتشكل هذه المقومات عناصر متداخلة بالغة الدلالة في صلب الخطاب البيئي في الكويت.
علاقة الإنسان بالبيئة والشعور بالمكان
يمكن رصد خصائص المواطنة البيئية في الكويت على مستويين رئيسيين: المستوى الفردي والمستوى المؤسسي. على المستوى الفردي، اعتمدت حدود ممارسات المواطنة البيئية للمشاركين ونطاقها على تجارب المشاركين المبكرة وتفاعلاتهم مع بيئتهم الطبيعية المحلية، كما اعتمدت على مستوى تعليمهم ومدى إلمامهم بالقضايا البيئية والتجارب التي خاضوها في بيئات مغايرة ببلدان أخرى. وأبرز صور التعلق بالمكان وهويته في هذه الدراسة هي تلك العوامل الرئيسية التي تربط الأفراد ببيئتهم. ويبقى التعلق بالمكان مفهوماً معقداً متعدد الأوجه، يستكشف الأبعاد المختلفة للترابط بين الناس والمكان ويفحص العلاقات المختلفة بين العواطف والمعرفة والمعتقدات والإجراءات فيما يتعلق بمكان معين.[7]
على سبيل المثال، نورد ما ذكره رئيس إحدى الجمعيات البيئية في الكويت: "لقد كنت دائماً على اتصال بالبيئة، فقد نشأت في مزرعة نخيل عضوية تمتلكها عائلتي، وتعلمت أن أكون جزءاً من البيئة في سن مبكرة، وأدركت أنها لا تحتاج إلينا بقدر ما نحتاجها لبقائنا وتغذيتنا. من خلال تلك التجارب استطعت أن أرى ارتباط إنسانيتي بالبيئة، وأصبحت أكثر إنسانية بشكل عام. إن مكافآت حماية البيئة والحفاظ عليها أكبر مما نتخيل" (المشارك رقم 1).
كما كشف الأفراد في هذه الدراسة عن مجموعة متنوعة من التجارب مع بيئتهم الطبيعية، فروى البعض عن تجارب إيجابية فارقة مع بيئتهم تحتل مكانة عاطفية عالية في ذاكرتهم، أدّت بهم فيما بعد إلى إعادة اكتشاف مدى تقديرهم لبيئتهم البرية والبحرية. على سبيل المثال، وصف أحد المتطوعين تجربته كما يلي:
"تغير تصوري للقضايا البيئية مع مرور الوقت، فقد كنت أعتقد أن القمامة والنظافة هي أكبر مشكلة بيئية نواجها في الكويت. لكن تصوري تحول تماماً بعد الانضمام إلى فريق الغوص الكويتي. فقد أدت مشاهدة الآثار المروعة للتلوث البلاستيكي على خليجنا الفريد إلى توسيع آفاقي، حيث أدركت في داخلي ارتباطاً عميقاً جديداً بالبحر [...] وعلى الرغم من أن لدي وظيفة مجهِدة، إلا أنني أحاول دائماً إيجاد الوقت للتطوع في عمليات التنظيف البحرية" (المشارك رقم 2).
في المقابل، ذكر آخرون تجارب سلبية مثل معايشة التلوث البيئي ومشاهدة آثاره، أو التأثير المدمر للحرب على محيطهم. وبالنسبة لهم فإن مثل تلك التجارب السلبية هي التي دفعتهم إلى السعي لاستعادة بيئتهم وحمايتها فيما بعد. وصف مشارك في الدراسة تجربته البيئية بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991 بالقول:
"كان ذلك هو أكثر الأيام سواداً بمعنى الكلمة، ذلك اليوم الذي أعقب قيام العراقيين بحرق حوالي 700 بئر نفط أثناء فرارهم من الكويت بعد التحرير. كان ذلك أحد أكبر الكوارث البيئية المتعمدة التي تم تسجيلها في التاريخ. لقد كان مدمراً للغاية [...] لكن الكثير منا اجتمعوا معاً للمساعدة في إخماد الحرائق واستعادة البيئة ولم نتوقف أبداً منذ ذلك الحين" (المشارك رقم 23).
علاوة على ذلك، رأى الأفراد الأكبر سناً أن بيئتهم تمثل تراثهم الطبيعي وامتداداً لهويتهم، كما عبروا عن اعتمادهم التاريخي على الأرض لكسب قوتهم اليومي واستمرارهم في البقاء. وعلى وجه العموم فقد أكد جميع الأفراد على ارتباطهم وتفانيهم في حماية بيئتهم بسبب درجة معينة من الخبرة المباشرة معها في الماضي. على سبيل المثال وضح أحد المشاركين: "ينسى الكثير من الناس، وخاصة الشباب، أننا قبل طفرة النفط كنا نعتمد كلياً على البيئة. كنا مجتمع صيد ولؤلؤ. كانت رفاهيتنا تعتمد على البيئة وحالة البحر. يتمحور الكثير من تراثنا الثقافي حول هذه الخصائص البيئية" (المشارك رقم 15). وقال مشارك آخر: "إنها على شعار دولتنا، البحر والصقر، و" البوم" [السفينة الشراعية لصيد اللؤلؤ وصيد الأسماك]. لا يمكننا فصل أنفسنا عن بيئتنا. هذه الرموز موجودة لسبب ما، فهي تعكس معالمنا التاريخية: من نحن كمجتمع وما أعطانا الله إياه على هذه الأرض" (مشارك رقم 26).
والجدير بالذكر أن عدداً متزايداً من الدراسات التجريبية بدأ يكشف عن علاقة إيجابية بين الارتباط بالمكان وتطوير السلوك البيئي.[8] ومع ذلك، لا توجد أي دراسات من هذا القبيل تتناول منطقة دول مجلس التعاون، ما ينمّ عن حاجة ماسة إلى المزيد من البحث لفهم كيفية ارتباط المكان والهوية في ممارسة سكان الكويت للسلوك الصديق للبيئة.
لقد أدرك الأفراد المنخرطين في ممارسات المواطنة البيئية خارج حدود الكويت أن المشاكل البيئية يمكن أن تكون عابرة للحدود ومعقدة، الأمر الذي يتطلب نظرة أوسع فيما يتعلق بالحقوق والمسؤوليات البيئية. على سبيل المثال قال أحد المتطوعين: "كان والدي دبلوماسياً وكان علينا السفر إلى العديد من الأماكن حول العالم ورؤية مواطن طبيعية مذهلة. أفهم أن البيئة هي أكثر بكثير من مكاني الحالي، فنحن مجرد جزء صغير من نظام معقد كبير" (المشارك رقم 16).
تستحضر هذه النظرة نموذج أندرو دوبسون للمواطنة البيئية متقدم الذكر، والذي أكد على أهمية المسؤوليات غير التعاقدية في المجتمع، حيث لا يتم تحديد "مساحة" المواطنة البيئية من خلال عضوية المعنيين في نظام سياسي أو إقليمي قائم، بل يتم تحديد تلك "المساحة" عن طريق "التفاعل الحيوي والمادي بين الأفراد وبيئتهم".[9] وقد أظهر الأفراد في هذه الدراسة ارتباطاً عضوياً متأصلاً ببيئتهم وأكدوا على تثمينهم الشديد لتراثهم الطبيعي والبيئي. ومع ذلك، لم يكن هناك إجماع بين المشاركين حول فكرة المواطنة البيئية هذه، وخاصة على المستوى المؤسسي، كما يتضح في تبني الهيئة العامة للبيئة وبعض الجمعيات البيئية المدنية خطاباً وطنياً محلياً في حملات التوعية البيئية الخاصة بهم، ما يستبعد غالبية الأفراد غير الكويتيين من السكان. وبدا هذا واضحاً في الرسائل والشعارات البيئية للهيئة، مثل "بيئتنا هي هويتنا" و"كويتنا الخضراء" و"الكويت تستحق الحماية". وعلى الرغم من التعزيز الدائم لرسائل الولاء الوطني، فقد أدركت العديد من المجتمعات المدنية البيئية في الكويت أن هذا النوع من الخطاب يقضي على نفسه من حيث نشر الوعي البيئي، لأنه يستبعد 70٪ من السكان الغير مواطنين. في هذا الجانب، أكد مدير إحدى المبادرات البيئية لمنظمة غير حكومية أن مثل هذه الرسائل تستثني العديد من الأشخاص:
"عندما استشرت الهيئة العامة للبيئة بخصوص إحدى الحملات البيئية التوعوية، صُدمت بردهم [...] فقد رفضوا الموافقة على فكرتنا في معالجة القضايا البيئية على أساس إيجاد قضية مشتركة تجمع الأشخاص من خلفيات مختلفة معاً. بل أصرت إدارتهم على استخدام الأغاني الوطنية والتركيز على توضيح الصورة الإيجابية، وهي استراتيجية غير فعالة حسب بحثنا. نهجهم يستبعد 70٪ من السكان" (مشارك رقم 24).
كما أوضح مدير جمعية المتطوعين البيئيين مدى فشل استراتيجيات التوعية العامة والأسباب الكامنة وراء ذلك:
"أعتقد أن قسم التوعية البيئية في الهيئة العامة للبيئة لا يواكب كيف تغيرت الكويت من حيث التنوع السكاني، فهم يفترضون أن الجميع ما زالوا يتابعون محتواهم المتكرر والتقليدي ويتفاعلون معه. إنه نهج رجعي للغاية ويقصي العديد من الأشخاص الذين يعيشون في الكويت" (مشارك رقم 28).
كما حدد موظفو الهيئة العامة للبيئة المشاركين في الدراسة أن الوعي البيئي يمثل أكبر مشكلة بيئية في الكويت في الوقت الراهن، ولكن هناك انفصال بين الاستراتيجيات والمناهج المعتمدة لمعالجة هذه المشكلة. فعلى الرغم من مشاركة العديد من الأشخاص من خلفيات متنوعة في برامج التوعية البيئية، إلا أن غالبية المتطوعين كانوا من الكويتيين أو العرب. ونستشف من ذلك أن تعزيز سمات الهوية المدنية والقومية من شأنه أن يعيق نشر قيم المواطنة البيئية في الكويت، بسبب توجيهها للكويتيين وتجاهلها لغالبية السكان.
تنص السياسات الاستراتيجية على أن التمييز فيما يتعلق بالجنسية والدين والعرق والانتماء السياسي غير مسموح به في الهيئة العامة للبيئة على أي مستوى. فقد شددت الهيئة العامة للبيئة على أنه بموجب قانون حماية البيئة في الكويت ، يجب حماية جميع أفراد المجتمع وصحتهم وكذلك جميع الكائنات الحية في الكويت من الأنشطة الضارة التي تؤثر على بيئتهم وصحتهم (القانون رقم 42 ، 2014). وقد رفض موظفو الهيئة فكرة التمييز ضد غير الكويتيين، ولكن لم يتفق جميع الموظفين بشأن ما إذا كان مستوى المسؤولية والالتزام بالقانون يتم تقاسمهما بالتساوي بين جميع أفراد المجتمع الكويتي. فعلى سبيل المثال، قال أحد الموظفين إن هناك اختلافاً كبيرًا بين سلوك الكويتيين وغير الكويتيين تجاه البيئة، مشيراً إلى بعض المناطق المهملة في الكويت حيث يتجمع الوافدين:
"إذا ذهبت إلى الحي (K)، فسوف تشعر بالصدمة، ولن تصدق أنك في الكويت. كمية القمامة والنفايات لا تصدق. لا يوجد إحساس بالتقدير للأرض التي أعطتهم الكثير. أنا لا أقول كل منهم ولكن هذه مشكلة علينا التعامل معها" (المشارك رقم 2).
وشدد نائب مدير هيئة البيئة على أن الخطاب السياسي الذي يلقي اللوم على الوافدين مثير للانقسام وليس انعكاساً للسياسة الكويتية، واصفاً الوافدين بأنهم كبش فداء لن يخفف أو يحل المشاكل البيئية في الكويت:
"يحاول بعض السياسيين إلقاء اللوم على غير الكويتيين والمغتربين بسبب قصور الحكومة وسوء إدارتها، وهذا النوع من الخطاب خطير لأنه يؤجج العداء وليس بنّاءً للاستدامة على المدى الطويل" (المشارك رقم 4).
إذن اعتمد معنى المواطنة البيئية في هذه الدراسة في جانب منه على نمط من التجربة المباشرة تمتع به المشاركون مع البيئة الطبيعية المحيطة بهم. ومما يلي سيتضح أن نموذج المواطنة البيئية في هذه الدراسة ينحرف عن المفاهيم السائدة للمواطنة البيئية في بلدان أخرى في العالم، أي تلك المفاهيم الليبرالية والجمهورية المبنية على تقرير الحقوق والمسؤوليات التعاقدية ضمن الحيز العام، والتي يرتكز الخطاب البيئي فيها على مراعاة الحقوق (rights-based)، وهي في المجمل مفاهيم إقليمية محدودة بحدود الدولة الوطنية. وفقاً لهذا المفهوم الإقليمي للمواطنة البيئية، يمنح المواطنون الدولة حرية صياغة القوانين التي تحمي حقوقهم ومصالحهم البيئية، ويمكن للمواطنين المطالبة بهذه الحقوق بناءً على عقد بين الحاكم والمحكوم،[10] وهذا الإطار المفهومي لا ينطبق على حالة الكويت لعدة أسباب. فعلى الرغم من وجود برلمان نشط يمارس دوراً حاسماً لا يمكن إنكاره في رسم السياسات العامة والحوكمة، إلا أن النظام لا يزال غير مكتمل من ناحية المشاركة الشعبية. وعموماً فإن نماذج المواطنة البيئية التعاقدية تفترض ديمقراطيةً تداوليةً كما تُمارس في السياق الغربي، حيث يتمتع المواطنون رسمياً بإمكانية الوصول إلى المجال السياسي ولهم صوت في تشكيل الأطر الدستورية وتطوير السياسات التي تنظم العلاقة بين الناس وبيئتهم.[11]
ورغم أن العملية الديمقراطية في الكويت أكثر مشاركة من الناحية السياسية مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، إلا أنها مجزَّأة وتفتقر في كثير من الأحيان إلى الشفافية، فضلاً عن خضوعها للعديد من القيود الحكومية على المشاركة العامة والتباينات بين القوى السياسية نتيجة الامتيازات الطبقية. بالإضافة إلى ذلك، لم تتم صياغة أول قانون شامل لحماية البيئة في الكويت وإقراره حتى عام 2014، وهو المعروف بالقانون رقم (42). قبل إصدار هذا القانون، لم يكن هناك عقد ملموس بين الدولة والمواطنين لدعم وتنفيذ الحقوق والمسؤوليات البيئية، حيث معظم القوانين البيئية المعمول بها والمتعلقة بوضع معايير التلوث لمختلف الصناعات في الكويت تبقى غير فعالة بالمستوى المرجو. وقد أكد مسؤولو الهيئة العامة للبيئة المشمولين في هذه الدراسة أن التدهور البيئي قد تفاقم في الكويت بسبب عدم وجود قانون بيئي ناضج يمنح الهيئة الشرعية والسلطة المطلوبتين للمحاسبة. وعلى الرغم من النظام شبه الديمقراطي وعدم وجود قانون بيئي في الكويت، فقد طور الأفراد ممارسة فريدة للمواطنة البيئية، تتميز بالتعلق بالمكان والقيم البيئية الإسلامية والحرص على بناء مجاميع متخصصة من المتطوعين ذوي الخبرات البيئية المشتركة وتشجيع الأعمال الخيرية. وقد تم تحقيق ذلك في شكل عمل مجتمعي جماعي بقيادة الحركات الشعبية والمجتمعات المدنية والمنظمات غير الحكومية التي عملت على نشر وتعزيز مبادئ المواطنة البيئية باستخدام مختلف الاستراتيجيات. وفيما يلي نستعرض نتائج الدراسة التي تفيد بأن الأفراد في الكويت يربطون دوافعهم لحماية البيئة بالتعاليم والقيم الإسلامية التي تعزز الحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية البيئة.
المواطنة البيئية والقيم الإسلامية
تكشف نتائج الدراسة عن تشكّل نظرة فريدة لمعنى المواطنة البيئية لدى بعض المشاركين، تتضمن دور القيم البيئية الإسلامية في توعية الأفراد وصناع القرار ودعوتهم لالتزام السلوكيات المؤيدة للبيئة. والإسلام جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي في الكويت، حيث يمثل الدين الرسمي للدولة، كما يعلن الدستور أنه مصدر للتشريع. وقد حدد هؤلاء الأفراد القيم البيئية الإسلامية كمصدر رئيسي لتصور مسؤولياتهم والتزاماتهم تجاه بيئتهم الطبيعية، حيث يقول أحد المشاركين:
"لا يجب أن تنتظر دافعاً أو كارثة أو مناسبة خاصة لرعاية بيئتك، لأن رعاية المسلمين للبيئة هي انعكاس لتعاليمنا في العيش في انسجام مع المخلوقات الأخرى، واحترام ما أنعم الله به علينا في هذه الأرض. إنه شكل من أشكال العبادة لأنه إذا كان لديك "النية" الصحيحة فإن كل ما يفعله المسلم يمكن أن يكون وسيلة لإظهار الامتنان والشكر لله" (المشارك رقم 4). ويقول مشارك آخر:
"إيماني يخبرني أن أكون معمراً للأرض، وأحترم أنه يجب أن يكون لدي إحساس بالمسؤولية لحمايتها والحفاظ عليها. هل يمكنك أن تتخيل تواضع وجودنا مقارنة بالإبداعات الأخرى؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم:'' إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها". حتى عندما ينتهي العالم إيماننا يأمرنا بأن نفعل الخير للبيئة" (المشارك رقم 1).
أوضحت عدد من الدراسات مدى عمق التفكير البيئي الذي تنطوي عليه المبادئ الإسلامية.[12] ويلعب هرم القيم دوراً رئيسياً في تشكيل سلوكنا تجاه البيئة، حيث يتم التعبير عن هذه القيم من خلال اللغة والبوصلة الأخلاقية والآليات الاقتصادية التي تنطوي بدورها على مجموعة من المبادئ الفردية والمجتمعية. النماذج الغربية الحالية للمواطنة البيئية إما لا ترتكز مبدئياً على تصور محدد للفضيلة أو تعتمد على تصورات ذكورية أو نسوية للفضائل، بينما على النقيض من ذلك، يتأثر نموذج المواطنة البيئية لدى العديد في الكويت بمبادئ محورها الله، بدلاً من وجهات النظر المتمركزة حول الطبيعة البيئية أو الطبيعة البشرية. وقد تم تضمين الممارسات البيئية الإسلامية في أنظمة الإدارة البيئية في الدول الإسلامية على أساس تعاليم الشريعة الإسلامية المتعلقة بالبيئة،[13] والتي تتمحور وفق المنادين بها حول الحفاظ على الفائدة العامة الشاملة للمجتمع، والقضاء على ما يؤثر سلباً على النفع العام أو على الأقل تقليل آثاره السلبية، وحماية الضعفاء من الأذى.[14] تشترك هذه المبادئ البيئية الإسلامية في بعض جوانب "النموذج البيئي السائد" dominant social paradigm))، الذي يعطي الأولوية للحفاظ على الطبيعة، ويحد من النمو الذي يدمر أنظمتنا البيئية، ويدرك أن المجتمع يجب أن يخلق تدابير تكيفية جديدة لتشغيل الاقتصاد. في المقابل، يركز "النموذج الاجتماعي السائد" على النمو اللامحدود والإيمان الأعمى بالتقدم التكنولوجي من أجل تحقيق التقدم.[15] وهناك حركة جديدة لـ "نموذج إيكولوجي إسلامي" Islamic ecological paradigm)) يرى متابعيها انها نشأت خلال العصور الوسطى عندما دمجت المجتمعات الإسلامية فلسفة بيئية شاملة في ممارساتها المجتمعية والدنيوية. كانت هذه الفلسفة جزءاً لا يتجزأ من نظرتهم للعالم بدلاً من كونها حركة اجتماعية إلزامية لتعزيز الاستدامة والتنافس ضد "النموذج الاجتماعي السائد" الموجود اليوم.[16] تشمل الأمثلة على الممارسات البيئية الإسلامية التاريخية تخصيص حقوق المياه ومنح الأراضي بناءً على مبدأ المشاركة، وكما خصص المسلمين أماكن تسمى الحِمى، وهي مناطق طبيعية محمية تحظر الاستخدامات البشرية للأراضي وتشبه الحدائق الطبيعية الحديثة ومحميات الحياة البرية.[17] وحسب مقدمي هذا الطرح، فقد تضاءلت هذه الممارسات البيئية الإسلامية وضاعت بمرور الوقت بسبب الانهيار الأخلاقي والاقتصادي للبلدان ذات الأغلبية المسلمة بعد استعمار الأوروبيين الغربيين (القرنين الثامن عشر والعشرين)، الذين دفعوا من أجل التنمية الاقتصادية وتسليع الموارد الطبيعية.[18]
وقد أعرب الأفراد في هذه الدراسة عن الحاجة إلى إعادة الاتصال بهذه القيم البيئية العميقة المتجذرة، كما يرون، في دينهم. فعلى سبيل المثال، دعا بعض قادة البيئة إلى إدخال هذه المبادئ البيئية الإسلامية في سياق الدراسات الإسلامية لنظام المدارس الحكومية في الكويت. وتمت الدعوة لهذا الاقتراح في الكويت في دراسة أجرتها خديجة النقي لدمج الأخلاق البيئية الإسلامية في المناهج التعليمية من أجل إعادة ربط الطلاب لالتزاماتهم الدينية بممارسة السلوك المؤيد للبيئة، أو عن طريق استخدام القصص التي تحمل جوهر القيم البيئية الإسلامية.[19] وفيما يخص دراستنا الحالية، فقد أظهرت النتائج أن الأفراد الأكبر سناً يمتلكون ثروة معرفية قيمة وارتباطاً عميقاً بالقيم البيئية الإسلامية، حيث صورت رواياتهم تجارب تنطوي على ندرة الموارد وأوقات صعبة اضطر فيها الأفراد إلى الاعتماد على عقيدتهم للبقاء في بيئتهم والحفاظ على مواردهم المحدودة.
في إطار ذلك، شرحت إحدى المشاركات سلوكها البيئي مقارنة بجدّتها قائلة: "أبذل قصارى جهدي لأكون أكثر استدامة، لكن لا يمكنني أبداً أن أكون مثل جدتي. إنها أعظم مدافعة عن البيئة أعرفها. إنها تعيد تدوير كل شيء، وهي حريصة جداً على عدم إهدار الماء [...] أعتقد أنها عاشت وقتاً عصيباً حيث كان على الناس العمل بجد للحصول على المياه في منازلهم" (مشارك رقم 19).
كان هذا الإطار الديني للتعبير عما تعنيه البيئة واضحاً بين المشاركين الأكبر سناً الذين أدركوا أن الجيل الحالي والشباب لا يربطون التعاليم الإسلامية بالطريقة التي يتفاعلون بها مع البيئة. ويعزو المشاركون الأكبر سناً هذا الانفصال إلى الطريقة التي تُدرّس بها مناهج الدراسات الإسلامية حالياً في نظام المدارس العامة، والتي تتطلب من الجميع أخذ دروس إسلامية حتى الصف الثاني عشر، فضلاً عن زيادة الثراء وأنماط الحياة المريحة التي يتمتع بها الكويتيون الآن. ووفقاً لأحد المشاركين:
"لسوء الحظ، أصبحت الدراسات الإسلامية موضوعاً يثقل كاهل بعض الطلاب. وهم لا يستمتعون به لأن مناهج المدارس العامة جامدة وجافة، حيث يركز المنهج على قوانين وقواعد الشريعة [...] وهذه الأشياء مهمة، لكن الدراسات الإسلامية متنوعة، ومن الضروري دمج القيم الإسلامية في مناهج العلوم البيئية حتى يتمكن الطلاب من فهم العلاقة المتبادلة بين التخصصين" (المشارك رقم 14).
التوعية والمواطنة البيئية
استخدمت الجمعيات المدنية البيئية والمجموعات التطوعية في هذه الدراسة أساليب متنوعة لتثقيف افراد المجتمع ونشر التوعية البيئية بين أفراده، مثل ورش العمل التفاعلية والندوات والمحاضرات والرحلات الميدانية إلى المواقع الطبيعية ومحميات الحياة البرية. كما تضمنت الموضوعات الرئيسية للتوعية البيئية قضايا من قبيل التلوث البحري بالبلاستيك، وممارسات إعادة التدوير، والآثار البيئية للتخييم، وتنوع الحياة البرية في الصحراء، وتأثير تغير المناخ على البيئة.
هذا وتعتبر أكاديمية المتطوعين البيئيين في الكويت، التي أنشأتها جمعية النخيل في الكويت ووزارة الشباب، من أهم المعالم لتدريب ورعاية المتطوعين البيئيين في الكويت في مختلف المجالات المتعلقة بالبيئة، وهي مفتوحة لجميع أفراد المجتمع وتقدم نماذج مختلفة لمشاركة المجتمع البيئي. تطلب الأكاديمية من أعضائها التمسك بسلوك بيئي معين ومدونة أخلاقية تتجاوز الحدود والجنسيات. وأكد مدير المبادرة أن الأكاديمية تعتمد على غمر المتطوعين في العمل البيئي التحويلي، لأنه يبني مهاراتهم وثقتهم ومسؤوليتهم تجاه حماية البيئة وأخلاقيات رعايتهم لها: "بيئة الأكاديمية فريدة من نوعها، ولدينا إحساس قوي بالمسؤولية ودافع للتغيير الإيجابي. الشباب هو مستقبل الكويت، وعلينا أن نوفر لهم الفرص والخبرات المناسبة لاتخاذ القرارات الصحيحة من أجل مستقبلهم ومستقبل الكويت" (المشارك رقم 20). ووصف أحد أعضاء الأكاديمية قيمتها في رعاية المسؤولية البيئية والاجتماعية بين الأعضاء وكيفية تأثيرها على رؤيته تجاه البيئة:
"كمتطوع في الأكاديمية، تعلمت الكثير عن الطرق التي نؤدي بها إلى تدهور بيئتنا والطرق العديدة التي يمكننا من خلالها حمايتها وجعلها مستدامة للأجيال القادمة. أنا فخور جداً بأن أكون جزءاً من هذا الفريق، حيث نعمل جميعاً بجد ضد عقبات كبرى ونحاول إحداث التغيير المطلوب في المجتمع" (المشارك رقم 24). ووصف مشارك آخر نقطة تحوله الانتقالية من صياد إلى محافظ على البيئة بعد حضور محفل بيئي نظمته الأكاديمية:
"اعتقدت دائماً أنه لا يوجد شيء يقارن بالإثارة والسعادة التي تنطوي عليها رحلة صيد ناجحة، ولكن بعد التعرف على العمل البيئي للأكاديمية وعملهم الهائل في الحفاظ على الحياة البرية، غيرت وجهة نظري تماماً. الآن، أجد السعادة في حماية الأنواع المعرضة للخطر" (المشارك رقم 16).
وقد اعتمدت العديد من المنظمات البيئية التطوعية ما يسمى بـ"جواز سفر المتطوع البيئي"، وهو جواز سفر يتم توفيره لجميع المتطوعين البيئيين المسجلين في الكويت ويستخدم لتسجيل الساعات التطوعية والمشاركة في المناسبات البيئية. وصرح مدير المؤسسة البيئية التطوعية في الكويت أن "تزويد المتطوعين بجواز السفر هذا يمكنهم من العمل بجدية أكبر ورؤية التقدير الذي يحظى به عملهم القيّم" (المشارك رقم 19).
كما رصدت الدراسة تأثيراً إيجابياً للندوات وورش العمل، إلى جانب الرحلات الميدانية، حيث أدت إلى زيادة مستويات المشاركة وتكرار المشاركة للمتطوعين والطلاب. وسمحت هذه الأساليب التوعوية للمشاركين بتنمية معرفتهم البيئية بطريقة تفاعلية جنباً إلى جنب مع التعليم البيئي الرسمي في المدارس، وذلك عبر تعزيز عوامل الاتصال المعنوي بينهم وبين بيئتهم الطبيعية المحلية، ولا سيما في الرحلات الميدانية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الأنماط من التوعية والاستراتيجيات التعليمية أن تزيد من "نطاق المناسبات التي يمكن فيها صياغة وتعزيز ممارسات المواطنة البيئية".[20] فعلى سبيل المثال، استلهم عدد من الطلاب المشاركين في بعض الندوات فكرة تشكيل أندية بيئية خاصة بهم في مدارسهم، بينما أنشأ آخرون صفحات تواصل اجتماعي من أجل نشر المعلومات البيئية وتشجيع الممارسات المستدامة.
ويمثل التعليم مكوناً رئيسياً في نشر الوعي البيئي أيضاً، حيث أظهر تحليل البيانات أن الجهل وعدم الوعي بالقضايا البيئية من الحواجز الأساسية أمام المواطنة البيئية في الكويت عبر مختلف المستويات التعليمية والأعمار والحالات الاجتماعية والاقتصادية. وردد أستاذ علوم البيئة بجامعة الكويت هذه الفكرة:
"لقد صدمت لأن العديد من طلابي ليسوا على دراية بالقضايا البيئية في الكويت وكيف تؤثر هذه القضايا عليهم. هناك فصل بين المجال العام والسياسات الحكومية والخطط الاستراتيجية. لا يرى الطلاب العلاقة بين رفاهيتهم وكيف تخصص الحكومة الأموال لحماية بيئتهم" (المشارك رقم 7).
وتشكل المواطنة البيئية وسيلة لتفعيل الوعي البيئي من خلال اكتساب المعرفة العملية عن طريق الحملات المدنية والرحلات البيئية. إلا أن المنهج التربوي المعتمد في المدارس العامة في الكويت يركز بشكل أكبر على المعلومات الدسمة التي تتعلق بفهم النظم البيئية المعقدة، بينما لا يتناول المنهج الدراسي الجانب الاجتماعي لعلوم البيئة التي من خلالها يتمكن الفرد من الاطلاع على الأدوات السياسية والاجتماعية للمشاركة في مجالات الحراك البيئي وتعزيز مبادئ التربية البيئية في الكويت. فالمواطنة البيئية تمثل أداة للمشاركة المجتمعية وهي ضرورية لتنمية الحس النقدي لدى الطلاب، ومعرفة الحقوق والالتزامات البيئية في مجتمعهم. لذلك يجب على القياديين في الحراك البيئي والمربين تعريف الطلاب بالجوانب الأخرى للمواطنة البيئية، مثل الكفاءة الذاتية والثقة بالنفس، فضلاً عن المهارات العملية اللازمة لصنع القرار والعمل على إيجاد الحلول البيئية الفعالة. كما من المهم استخدام أساليب متنوعة لتأصيل الثقافة والتوعية البيئية خارج الفصول الدراسية، مثل ورش العمل التفاعلية والندوات والرحلات الميدانية للمواقع الطبيعية ومحميات الحياة البرية، ومناقشة المواضيع البيئية التي تهم الشأن العام كتلوث البيئة بالبلاستيك، وممارسات إعادة التدوير، والآثار البيئية للتخييم، وتنوع الحياة البرية في الصحراء، وتأثير تغير المناخ، بحيث تكون جلسات الندوات وورش العمل مقترنة بالرحلات الميدانية.
تتيح هذه الأساليب التكميلية الحصول على المعلومات البيئية بطريقة تفاعلية إلى جانب مناهج التربية البيئية الرسمية في المدارس، حيث يتمكن الطلاب من الاتصال ببيئتهم الطبيعية المحلية بشكل مباشر وربط المفاهيم البيئية ببعضها البعض على أرض الواقع. كما تؤثر هذه الأساليب التكميلية إيجابياً على زيادة مستويات مشاركة المتطوعين في الحملات البيئية. ونتيجة لذلك، يتم تفعيل مقومات المواطنة البيئية ونشرها من خلال الشبكات التوعوية الاجتماعية والمهنية التي يشارك فيها المعلمون والطلاب والمتطوعون وقادة المجتمع المدني الناشطين في المجال البيئي. فعلى سبيل المثال، استوحى عدد من الطلاب الذين شاركوا في هذه الحلقات الدراسية التعليمية فكرة تشكيل نواديهم البيئية المستقلة في المدرسة، في حين أنشأ آخرون صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل نشر المعلومات البيئية والممارسات المستدامة. وينصح دوبسون بإدراج مناهج المواطنة البيئية في التعليم الرسمي، ويضيف بأن ذلك سوف يسمح للطلاب بتقدير "التطور الأخلاقي" و"الترابط والمسؤولية العالمية" التي تنطوي المواطنة البيئية عليها.[21]
من ناحية أخرى، فإن منهج المواطنة في الكويت يتمحور حول الحقوق والمسؤوليات تجاه الوطن والنظام السياسي القائم وكذلك على الحقوق الدستورية للمواطنين للتعبير عن همومهم. وتنص المادة (36) من دستور الكويت على أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة مع مراعاة الشروط والأحكام التي يحددها القانون" وأن "لكل شخص الحق في التعبير عن رأيه بالتحدث أو الكتابة أو غير ذلك". ولما كان الدستور يضمن حرية الرأي، فإن منهج المواطنة في الكويت يمكن أن يتضمن عناصر المشاركة البيئية المدنية من أجل إعداد الطلاب لممارسة نشطة ومباشرة في الميدان البيئي. ومن الجدير بالذكر أن مجموعة بيئية واحدة فقط من تلك المشمولة في هذه الدراسة كانت تعمل بشكل مستقل تماماً عن الحكومة والمصالح الخاصة في الكويت، وهي "جماعة الخط الأخضر الكويتي"، لكنها ما زالت تواجه العديد من الإجراءات القانونية بسبب نهجها المتبع وتصريحاتها المثيرة للجدل التي تنتقد فيها الهيئة العامة للبيئة. وقد كانت هذه المجموعة من بين أولى المجموعات البيئية التي اقترحت مفهوم المواطنة البيئية وإمكانية تطبيقه في الكويت.
يؤكد دوبسون أن المواطنة البيئية تتمحور حول قوانين وتشريعات حماية البيئة على أوسع نطاق، وأنه لا يمكن رعاية هذه الالتزامات إلا من خلال ممارسة المشاركة المدنية في المجتمع.[22] وقد أوضحت هذه الدراسة بأن هناك طرق رسمية وغير رسمية للمشاركة البيئية العامة في الكويت، على الرغم من أن المشاركة غير الرسمية كانت هي الأبرز والأكثر إقبالاً لدى الأفراد المشمولين في هذه الدراسة. أما الأداة الأكثر استخداماً في الأنشطة غير الرسمية فكانت منصات التواصل الاجتماعي، مثل WhatsApp وInstagram وTwitter وSnapchat وغيرها، حيث استخدم الأفراد منصتي Instagram وTwitter بشكل أساسي للتعبير عن مخاوفهم وانتقاداتهم بشأن أداء الهيئة العامة للبيئة وقدرة الجهات الحكومية الأخرى على معالجة المشاكل البيئية في الكويت.
في ضوء ذلك، أكد مدير إحدى المجموعات البيئية التطوعية على دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي بالقضايا البيئية وزيادة نسبة المشاركة الشعبية:
"وسائل التواصل الاجتماعي عامل رئيسي لنجاحنا. فقد بدأت مجموعتنا على Instagram وبدأنا في النمو من هناك. وكان لدينا المزيد من المتابعين كل يوم وتمكنا من العثور على مجموعات مماثلة والتعاون معها على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتوافق مع رسالتنا وقيمنا" (المشارك رقم 17).
أما التحدي الرئيسي في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي البيئي فيتمثل بإنشاء محتوى يجذب انتباه الناس، بالإضافة إلى تطوير رسالة ذات صدى كبير تجبر الناس على التفاعل والمشاركة في معالجة المشاكل البيئية. يوضح أحد المشاركين: "تعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة قيمة في الكويت لنشر الرسائل، ولكن عليك أن تعرف الوسم الذي يجب استخدامه، وعليك أن تبحث عن الأشخاص المناسبين الذين سيمثلون رسالتك من أجل نشرها على نطاق واسع" (المشارك رقم 25).
وقد أدى استخدام هذه المنصات إلى توسعة حيز المشاركة الاجتماعية والسياسية العامة في منطقة دول مجلس التعاون ، حيث تتجه المجتمعات المدنية وجماعات المعارضة والوكالات الحكومية إلى المزيد من التحرك وممارسة النفوذ وتبادل المعلومات عبرها، وقد يعزى ذلك إلى محدودية الحيز العام المفتوح للنقاش في هذه الدول عموماً، فضلاً عن تدني تكلفة العمل عبر تلك المنصات وسهولة تحشيد المتطوعين البيئيين ونشر المحتوى البيئي من خلالها.[23]
رابعاً: توصيات الدراسة
يمكننا بناء على ما تقدم من استنتاجات، اقتراح التوصيات الآتية. ويجدر بالذكر أن هذه التوصيات تأخذ بعين الاعتبار استراتيجيات السياسة والتعليم والأبحاث المستقبلية، مما يوفر طريقة للمضي قدماً يمكن أن تعزز فهم قيم المواطنة البيئية في سياق الكويت والخليج العربي.
توصيات للسياسات البيئية
اتضحت حاجة ماسة للإصلاحات السياسية من أجل تعزيز المواطنة البيئية في الكويت، حيث يجب أن تراعي الدولة ظاهرة النهضة البيئية العالمية وأن تستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد بعيداً عن الريعية والتوجه إلى اقتصاد أخضر مستدام، حيث ينتج عن الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على النفط كمصدر أحادي للدخل "عقلية ريعية"، يشعر فيها المواطنون بأنهم يستحقون عائدات النفط ويتوقعون المزيد من العائدات والفوائد من الدولة، بل قد يمارسون ضغوطاً أكبر على الدولة لدعم أسعار الوقود وإنتاج الكهرباء والماء وتقديم الإعانات المادية التي تشجع الاستهلاك المفرط، مما يخلق تحديات شتى للمواطنة البيئية في الكويت.
لذلك يجب على السلطات المركزية مثل الهيئة العامة للبيئة والجهات الحكومية الأخرى النظر في تقديم الحوافز المالية للمواطنين والمقيمين الملتزمين بالسلوكيات المستدامة مثل ترشيد استهلاك الطاقة وتركيب ألواح الطاقة الشمسية في المنزل أو مكان العمل، ويمكن أن تأتي الحوافز على شكل تخفيض فواتير الطاقة مثلاً. لا يمكن العثور حالياً على أي من هذه السياسات البيئية في الكويت، وقد يترتب على توفير هذه الخيارات "الخضراء" للأفراد تأثير إيجابي يشجع على العمل على إنشاء مجتمع مستدام. لذلك، يجب على الهيئة العامة للبيئة الاستثمار في قسم التوعية العامة وتوظيف خبراء في السياسة والحراك البيئيين، حيث يلاحظ أن الهيئة ما زالت تفتقر إلى خطة شاملة وواضحة لزيادة الوعي البيئي في الكويت.
كما تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن المواطنة البيئية يمكن أن تظهر داخل نظام شبه ديمقراطي مقيَّد إلى حد ما، حيث تمنع المؤسسات الحكومية ممارسات المواطنة البيئية وتهمش غير المواطنين. ومن ثم، يجب أن تتبنى المؤسسات المعنية نهجاً أقل مركزية تتولى فيه السلطات مستلزمات التنسيق مع المجاميع المدنية المحلية والجماعات التطوعية، بدلاً من التحكم في عملياتها وإملاء الرسائل والمعلومات عليها من فوق. لذلك، فإن المشاركة العامة وبناء مجتمع متفاعل مع نشطاء البيئة والمتطوعين يمثلان مكونان أساسيان للمواطنة البيئية، ما يشير إلى أهمية تطوير سياسة اجتماعية كفيلة بخلق ثقافة مجتمعية تعزز قيم المواطنة البيئية كقيم جماعية بطبيعتها، والتي من شأنها تمكين الشباب من تفعيل تلك القيم على الرغم من وجود تحديات مثل النزعة الاستهلاكية المفرطة في الكويت وغيرها من دول الخليج. مثل هذه الجهود سوف تستلزم إصلاحات حكومية جادة تدفع نحو تعزيز الشفافية وخلق قنوات فعالة لتبادل المعلومات من خلال منح المنظمات البيئية غير الحكومية والمجتمعات المدنية إشرافاً كاملاً على القضايا البيئية، وبالتالي تقليل الاعتماد على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. أما على المستوى المؤسسي، فيجب على الهيئة العامة للبيئة والوكالات الحكومية الأخرى تقييم عملياتها التنظيمية والبيروقراطية وزيادة كفاءتها من أجل تعزيز الاتصال وتسهيل نمو المجتمعات المدنية البيئية. فعلى سبيل المثال، تفتقر الهيئة العامة للبيئة إلى وسيلة فعالة لتقديم الملاحظات والمتابعة بشأن الشكاوى والانتهاكات البيئية التي يبلغ عنها الجمهور، كما أنه من الصعب الحصول على سجلات عامة لانتهاكات بيئية محددة وكيفية تأثير هذه الانتهاكات على صحة المجتمع وسلامة البيئة.
توصيات للتعليم والتوعية
مثلت التوعية البيئية عنصراً بالغ الأهمية لتكريس قيم المواطنة البيئية في هذه الدراسة. والملاحظ أن المنهج الحالي المعتمد في المدارس الحكومية الكويتية يدرّس المشكلات البيئية من منظور العلوم الفيزيائية الحيوية، مع إعطاء وزن ضئيل للتفاعلات الاجتماعية والبشرية مع البيئة، بينما يتطلب غرس قيم المواطنة البيئية في الطلاب فهماً معمقاً لتلك القيم والخصائص التي تمكّن وتحفز الناس على تغيير سلوكياتهم من أجل تحسين ظروفهم البيئية وتعزيز الاستدامة داخل المجتمع، وهي الأنشطة التي يمكن أن تفضي في النهاية إلى تحقيق مبادئ المواطنة البيئية. وتمثل القيم والتعاليم الإسلامية البيئية إحدى العناصر الرئيسية التي تأصل مفهوم المواطنة البيئية في المجتمع، ودمج هذه القيم مع منهج الدراسات الإسلامية الإلزامي في المدارس العامة يمكن أن يسمح للطلاب بأن يصبحوا أكثر وعياً بالبيئة. ومع ذلك، فمن أجل تعزيز فكرة المواطنة البيئية، يجب على الطلاب ممارسة وإظهار السلوك المؤيد للبيئة في مدارسهم ومنازلهم ومحيطهم الاجتماعي القريب. وهنا نجد أن أحد أوجه القصور الأساسية في نظام المدارس الحكومية في الكويت يتمثل في تجاهله لقيمة الأنشطة اللامنهجية والعمل البيئي التطوعي، لأنه يركز بشكل أكبر على الأداء الأكاديمي وتحصيل الدرجات. هذا النهج لا يشجع الطلاب على الانخراط في أنشطة بناء المجتمع وتحصيل القيم والمهارات اللازمة التي تسمح لهم بأن يصبحوا مواطنين بيئيين مسؤولين، مما يمنعهم من إلهام الآخرين للسير على نهجهم، وذلك عائق كبير في وجه استدامة العمل المتعلق بالمواطنة البيئية.
توصيات للأبحاث المستقبلية
بلا شك يجب إجراء المزيد من الأبحاث من أجل مقارنة نموذج المواطنة البيئية في الكويت مع نماذج أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي. فبالإضافة إلى تنويع النموذج بضم غير الكويتيين والفئات المهمشة داخل الكويت (مثل العمال الوافدين والعمالة المنزلية والكويتيين البدون)، يمكن أيضاً تنويع النموذج بشكل آخر عبر ضم وجهة نظر الطلاب والأكاديميين المختصين في العلوم البيئية وغيرهم من علماء السياسات البيئية والمهنيين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون هذا النموذج المعزز بمثابة نقطة انطلاق للتحقيق في قضايا المواطنة البيئية في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي تشترك في بعض الخصائص الاجتماعية والسياسية والاقتصادية مع الكويت.
خاتمة
تعتبر المواطنة البيئية آلية فعالة لتعزيز أهداف الاستدامة وحماية البيئة من خلال دمج مفاهيم المواطنة البيئية وغرس الفضائل المرتبطة بها في السياسية العامة للدولة من أجل مواكبة التحديات البيئية في القرن الحادي والعشرين. وتتحدى المواطنة البيئية المسلمات التقليدية فيما يتعلق بحصر المواطنة البيئية داخل حدود الدولة، بالإضافة إلى تحديد القيم والأخلاق التي يتميز بها المواطن البيئي والتي تدفعه لتقليل الآثار البيئية في محيطه. وقد أظهرت هذه الدراسة أن الأفراد في الكويت يمارسون المواطنة البيئية بطريقة مرنة وديناميكية، حيث اعتبر بعض الأفراد أن المواطنة البيئية تعاقدية وتمثل امتدادًا لواجبهم والتزامهم بحماية بيئتهم المحلية، نظراً لارتباطهم القومي والوطني بالكويت والعلاقة الريعية مع الدولة. من ناحية أخرى، نقل مشاركون آخرون منظوراً أوسع للمواطنة البيئية بسبب العوامل الاجتماعية وتجاربهم في بيئتهم الطبيعية، مثل الارتباط والاتصال بالبيئة المحلية في سن مبكرة وحرصهم على تقدير التراث البيئي والتنوع البيولوجي. بالإضافة إلى ذلك، حددت النتائج التعاليم البيئية الإسلامية والمناهج التعليمية والمشاركة المجتمعية باعتبارها مكونات أساسية تشكل وتؤثر على مفاهيم المشاركين عن المواطنة البيئية.
تدعم هذه الدراسة نهجاً لإصلاح السياسات البيئية في الكويت يمكّن المؤسسات الحكومية والجمعيات المدنية البيئية والتطوعية من تحديد الممارسات الفعالة للمشاركة المدنية البيئية وكذلك السبل الجديدة للمشاركة العامة وإدماج غير المواطنين في عملية صنع القرار. علاوة على ذلك، فإن اعتماد هذا النهج من شأنه أن يمهد الطريق لتوظيف قيم التعاليم الإسلامية البيئية ودورها في رعاية المواطنين البيئيين في الكويت من خلال دمج هذه القيم في مناهج المواطنة والعلوم البيئية. كما يمهد نموذج المواطنة البيئية المقترح هنا الطريق لدول مجلس التعاون الخليجي التي تشترك في بعض الظروف الاجتماعية والاقتصادية التاريخية والحالية مع الكويت لاستكشاف معنى المواطنة البيئية في سياقاتها الخاصة. قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم 41). وتمثل المواطنة البيئية رصيداً مفيداً لبناء مجتمعات بيئية مستدامة بالإضافة إلى ربط الناس وإشراكهم في القضايا البيئية، ما يوجب رعايتها وتنميتها من أجل الحفاظ على الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه البيئة.
لقراءة الجزء التالي من الإصدار
[1] للمزيد حول مفهوم المواطنة انظر الإصدار السابق في هذه السلسلة:
عمر الشهابي وحمد الريس (محرران)، الثابت والمتحول 2019: المواطنة في تيارات الخليج (الكويت: مركز الخليج لسياسات التنمية)، <https://gulfpolicies.org/index.php/2019-05-18-07-30-16/2019-05-18-10-13-53/2019>.
[2] Smith, M. J., & Pangsapa, P., Environment and citizenship: Integrating justice, responsibility, and civic engagement (London: Zed books, 2008).
[3] Turner, B. S., “Outline of a theory of citizenship,” Sociology, vol. 24, issue 2, 1990, pp 189-217.
[4] Dobson, A., Citizenship and the environment (Oxford: OUP Oxford, 2003).
[5] Valencia Sáiz Á., “Globalisation, cosmopolitanism and ecological citizenship,” Environmental Politics, vol. 14, issue 2, pp 163-178.
[6] Dobson, A., “Environmental citizenship: Towards sustainable development." Sustainable Development, vol 15, issue 5, 2007, pp 276-285.
[7] Chow, K., & Healey, M., “Place attachment and place identity: First-year undergraduates making the transition from home to university,” Journal of Environmental Psychology, 1 Jan 2008, vol. 28, issue 4, pp 362-372.
[8] Williams, D. R., & Vaske, J. J., “The measurement of place attachment: Validity and generalizability of a psychometric approach,” Forest Science, 2003, vol. 49, issue 6, pp 830-840.
[9] Dobson, A., Citizenship and the environment (Oxford: OUP Oxford, 2003).
[10] Humphreys, D., “Environmental and ecological citizenship in civil society,” The International Spectator, 2009, vol. 44, issue 1, pp 171-183
[11] Heater, D. Citizenship: The civic ideal in world history, politics and education (Manchester: Manchester University Press, 2004).
[12] Saniotis, A., “Muslims and ecology: Fostering Islamic environmental ethics,” Contemporary Islam, 2012, vol. 6, issue 2, pp 155-171. And Khalid, F. M., “Islam and the environment,” Encyclopedia of Global Environmental Change, 2002, vol. 5, pp 332-339.
[13] Rice, G. “Pro-environmental behavior in Egypt: Is there a role for Islamic environmental ethics?” Journal of Business Ethics, 2006, vol. 65, issue 4, pp 373-390.
[14] Foltz, R. C., Denny, F. M., & Azizan, H. B., Islam and ecology: A bestowed trust (Cambridge Mass: Center for the Study of World Religions, Harvard Divinity School, 2003), Llewellyn, O. A., “The basis for a discipline of Islamic environmental law,” pp. 185-247.
[15] Gatewood, J. B., “Cultural models, consensus analysis, and the social organization of knowledge,” Topics in Cognitive Science, 2012, vol. 4, issue 3, pp 362-371.
[16] Islam, M. S., “Old philosophy, new movement: The rise of the Islamic ecological paradigm in the discourse of environmentalism,” Nature and Culture, vol. 7, issue 1, pp 72-94.
[17] Gottlieb, R. S., This sacred earth: Religion, nature, environment (New York: Taylor and Francis Group, 2004).
[18] Saniotis, A. “Muslims and ecology: Fostering Islamic environmental ethics,” Contemporary Islam, vol. 6, issue 2, pp 155-171. And Khalid, F. M. “Islam and the environment,” Encyclopedia of Global Environmental Change, 2002, vol. 5, pp 332-339.
[19] Al-Naki, K. “How do we communicate environmental ethics? reflections on environmental education from a Kuwaiti perspective,” International Research in Geographical and Environmental Education, 2004, vol. 13, issue 2, pp 128-142.
[20] Horton, D. Demonstrating environmental citizenship? A study of everyday life among green activists. Environmental Citizenship (Cambridge, Massachusetts: MIT Press, 2006), pp 127-150.
[21] Dobson, A., “Environmental citizenship: Towards sustainable development,” Sustainable Development, 2007, vol. 15, issue 5, pp 276-285.
[22] Ibid
[23] AlSharekh, A., “Social media and the struggle for authority in the GCC,” The Canadian Journal for Middle East Studies, vol. 1, issue 2, pp 890.