كان متوقعاً أن يكون 2013 عامًا مهمًا على مستوى الحياة السياسية في قطر. إذ كان مقرّرًا أن يشهد أول إنتخابات تشريعية في هذه الدولة، بحسب وعد قطعه أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة قبل عامين. إلا أن هذه الإنتخابات أُجّلت أمداً غير معلوم بعد التمديد لمجلس الشورى المعيّن ثلاث سنوات جديدة. غير أن هذا العام شهد حدثًا آخر، كان له النصيب الأبرز من الإهتمام الشعبي والدولي، تمثل في تسلّم الشيخ تميم بن حمد إدارة البلاد بعد إنتقال طوعي للسلطة إليه من والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. باستثناء ذلك، لم يبارح الوضع السياسي العام الهدوء الذي اتسم به، مقارنة ببقية دول الجوار، وبقيت الأصوات المطالبة بالتغيير السياسي بعيدة عن التأثير الفعّال في المحيط الشعبي.
 

ولكن، ولكون قطر لاعبًا مؤثرًا في الأحداث السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، خصوصًا بعد إندلاع الإنتفاضات العربية، يصعب فصل الواقع السياسي في هذه الدولة عمّا يدور في محيطها العربي، ويصبح لزاماً النظر في تأثيرات الأحداث السياسية الصاخبة إقليميًا على المزاج الشعبي العام، وإنعكاساتها على العلاقات الإجتماعية. لذا سيدور هذا الجزء من البحث حول هذين المحورين الرئيسيين المتمثلين في إنتقال السلطة وتأثير الأحداث الإقليمية على الداخل القطري. وستسلّط الورقة الضوء على آخر مبادرات المجتمع المدني في قطر، إضافة إلى الخلاف بين دول مجلس التعاون حول كيفية التعاطي مع المتغيّرات الإقليمية.


إنتقال السلطة


لعل أبرز الأحداث السياسية في دولة قطر، في العام المنصرم، هو الإنتقال السلس والطوعي للسلطة، في شهر يونيو، من الأمير الأب حمد بن خليفة آل ثاني إلى نجله وولي عهده الشيخ تميم. وعلى الرغم من تكهنات سبقت عملية إنتقال السلطة والدلالات الواضحة عليها بعد تسليم الشيخ تميم العديد من مفاتيح الوضع الداخلي[1] ، إلا أن هذه العملية شكّلت مفاجأة في قطر، وفي منطقة الخليج بشكل عام، لما تمثله من خروج عن المألوف. وقد تعددت التحليلات السياسية حول أسباب التغيير، فمنها من ربطها بمحاولة لإعادة توجيه السياسة الخارجية القطرية بما يتماهى مع حالة جديدة تدفع إليها القوى العظمى بعد فشل إسقاط نظام الأسد في سوريا وتداعي مشروع الإخوان في مصر. فيما أشارت تحليلات أخرى إلى محاولة تقويض بعض القوى السياسية داخل الدولة لمنع صدام محتمل مع ولي العهد أو الأمير الجديد في المستقبل. وبعيدًا عن كل هذه التكهنات والتحليلات، ومدى قربها أو بعدها عن الحقيقة، تبقى هذه العملية الإنتقالية خطوة غير مسبوقة في منطقة إعتاد أبناؤها فتح أعينهم على أمراء وملوك لا يتغيّرون إلى أن توافيهم المنية.


رسم الخطاب الأول للأمير الجديد المعالم الرئيسية للمرحلة المقبلة. وهو أكّد فيه أن "التحديات والمهام لن تتغير بتغير القيادة".[2] وكان الأبرز في الخطاب تركيزه على الشؤون الداخلية والتأكيد على إستكمال مسيرة التنمية الإقتصادية والبشرية والنأي عن الإغراق في حال الثورات العربية، تحديدًا في سوريا التي كانت لقطر فيها أياد ومساهمات واضحة، لم تقتصر على الدور الإعلامي لقناة "الجزيرة"، بل تعدته إلى تقديم العون السياسي والعسكري لفصائل المعارضة. وعلى الرغم من تأكيد الخطاب على إلتزام قطر "بواجباتها تجاه التضامن والتعاون العربي" وإنحيازها "إلى قضايا الشعوب العربية وتطلعاتها للعيش بحرية وكرامة بعيدًا عن الفساد والإستبداد"، إلا أنه لم يأت على ذكر الإنتفاضات العربية كلًا على حدة، وما إذا كان هناك أي تغيير في الموقف القطري منها. على العكس من ذلك، أكد الشيخ تميم في خطابه الأول أن قطر ليست "حزبًا سياسيًا"، ولا تحسب "على تيار ضد آخر"، بل تحترم "جميع التيارات السياسية المخلصة والمؤثرة والفاعلة في المنطقة"، في ما بدا حينها إشارة إلى تراجع من نوع ما حيال دعم حكومة الإخوان المسلمين في مصر مع إقتراب موعد 30 يونيو، التاريخ الذي وضعته التيارات المصرية المعارضة حينها للتظاهر ضد حكم الإخوان. كما حملت كلمة الأمير الجديد رسائل واضحة حول نبذ الطائفية التي رافق إستشراؤها الثورات العربية، فأكدت أن قطر تحترم "التنوع في المذاهب"، وترفض "تقسيم المجتمعات العربية على أساس طائفي ومذهبي". كل ذلك، عزّز الإعتقاد بأن الإنتقال السياسي للسلطة في قطر قد يؤشر إلى دور مغاير للسياسة القطرية الخارجية لتعود إلى لعب دور الوسيط السياسي، كما كانت الحال قبل إندلاع الثورات العربية مطلع عام 2011


داخليًا، ركّزت كلمة الأمير الجديد على إستمرار وتيرة النمو الإقتصادي، مع التأكيد على أهمية "النتائج والمخرجات" والصرامة في تنفيذ المشاريع القائمة والمستقبلية، ومحاربة الفساد كأولويات للحكومة الجديدة. وكان الأبرز في الكلمة تحاشي الحديث عن الحقوق السياسية للشعب القطري، ومنها الإعلان عن موعد محدد لإجراء الإنتخابات البرلمانية كما نص عليه الدستور القطري. وبعد وعد قطعه الأمير الأب نهاية عام 2011 بإجراء الإنتخابات في النصف الثاني من عام 2013[3]، وإعلان مجلس الوزراء القطري، منتصف عام 2012، عن التوجه إلى إتخاذ الإجراءات اللازمة لإستصدار قانون الإنتخابات الذي لم ير النور بعد[4]. وكان الأمير الأب الشيخ حمد بن خليفة قد أصدر قرارًا أميريًا، قبيل تسليم السلطة إلى إبنه، بالتمديد لمجلس الشورى المعين لثلاث سنوات جديدة، ما يعني، ضمنًا، تأجيل إنتخابات المجلس التشريعي إلى أمد غير معلوم، ومن دون توضيح أسباب هذا التأجيل.[5]


التشكيل الوزاري الجديد


أعيد تشكيل مجلس الوزراء القطري بعيد الخطاب، وكان الأبرز فيه غياب الشيخ حمد بن جاسم بن جبر بعد قضائه سبع سنوات في رئاسته و22 سنة على رأس وزارة الخارجية. وكُلّف بخلافته الشيخ عبدالله بن ناصر، وزير الشؤون الداخلية في الحكومة السابقة المعروف بتغييراته الإصلاحية في الهيكلية الإدارية في وزارة الداخلية في السنوات الأخيرة، ما عزز الإعتقاد بوجود رغبة في إحداث تغييرات واسعة على مستوى الهيكلية الإدارية في الحكومة من خلال هذا التغيير، والتركيز على الشؤون الداخلية كما تقدم. كما كان واضحًا في التشكيل الجديد وجود نسبة عالية من الوجوه الشابة وتقلّص عدد الحقائب الوزارية التي يرأسها أبناء الأسرة الحاكمة. فإلى جانب حقيبة الداخلية التي بقيت مع رئيس مجلس الوزراء، لم يتضمن التشكيل الجديد سوى وزيرين من الأسرة الحاكمة أسندت إليهما وزارتا "البلدية والتخطيط العمراني" و"الإقتصاد والتجارة". ويلاحظ أيضًا إرتفاع نسبة حملة الشهادات العليا بين الوزراء الجدد. فمن بين 20 وزارة، أسندت 8 حقائب إلى وزراء من حملة الدكتوراه في مجالاتهم. لذا يمكن وصف التشكيل الوزاري الجديد بأنه تكنوقراطي، في الشكل على أقل تقدير.


الشقاق الطائفي وتأثيراته على المجتمع القطري


مع دخول الإنتفاضات العربية مرحلة حرجة في النصف الأول من العام المنصرم، بعد الحديث عن هجوم كيماوي على منطقة الغوطة السورية، وظهور بوادر تدخل عسكري دولي في سوريا، والدخول المعلن لقوات حزب الله إلى جانب النظام السوري في مواجهة المعارضة، وتحديدًا في مدينة القصير، تنامت الإصطفافات الطائفية في المنطقة، وانعكست سلبًا على العلاقات بين مكوّنات المجتمعات في الخليج، فتعززت اللهجة الطائفية وتماهت مع التوجهات السياسية العامة. ولم تكن قطر في مأمن من ذلك، خصوصًا مع الأدوار السياسية المهمة التي كانت تلعبها في البؤر الساخنة. إلا أن التركيبة الإجتماعية للمجتمع القطري، وتحديدًا وجود نسبة شيعية ضئيلة جدًا وغير مؤثرة، وفي الوقت نفسه مندمجة بشكل كبير في محيطها السني، حال دون إستفحال الإصطفاف الطائفي وخروجه إلى العلن، فظلت المشاحنات الطائفية محصورة بوسائل التواصل الإجتماعي. ولكن عمومًا لم يكن هناك أي رصد يذكر، على المستوى الرسمي أو الإعلامي، لأي حالات للتمييز الطائفي على المستوى الحكومي أو على مستوى ممارسة الشعائر الدينية للأقلية الشيعية في البلد.


أما على صعيد التطورات السياسية في مصر، بعد 30 يونيو، فقد كان من تداعياتها توتير العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة التي تقف على طرف نقيض من الموقف القطري حيال الأوضاع في مصر بعد 30 يونيو. ولم تقتصر التوترات على العلاقات الرسمية بين البلدين، بل إمتدت إلى العلاقات الشعبية، وأفرزت موجات من التراشق الإعلامي المتبادل بين الجانبين على صفحات الإعلام الرسمي وفي مواقع التواصل الإجتماعي، خصوصًا بعد إعتقال السلطات الإماراتية الدكتور محمود الجيدة في فبراير، أثناء عبوره من مطار دبي قادماً إلى الدوحة من إحدى الدول الآسيوية، وتنامي أخبار عن تعرضه للتعذيب أثناء إعتقاله بعد إتهام السلطات الإماراتية له بالإرتباط بجماعات إسلامية متهمة بالتخطيط لإسقاط نظام الحكم في الإمارات.[6]


وفي بداية مارس 2013، أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، في شكل مفاجئ، سحب سفرائها من دولة قطر. وأصدرت الدول الثلاث بيانًا مشتركًا قالت فيه إنها بذلت "جهودًا كبيرة" لحث قطر على تبنّي "مسار نهج يكفل السير ضمن إطار سياسة موحدة لدول المجلس تقوم على الأسس الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون وفي الإتفاقيات الموقعة بينها بما في ذلك الإتفاقية الأمنية، والإلتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن وإستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي".


وأضافت الدول الثلاث أنها أقدمت على هذه الخطوة "بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على توقيع الإتفاقية الأمنية من دون إتخاذ دولة قطر الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ"[7]. من جهتها، ردّت قطر ببيان معاكس نفت فيه وجود أي علاقة للخطوة التي إتخذتها الدول الثلاث ”بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها وإستقرارها، بل باختلاف في المواقف حول قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون".[8] وأضاف البيان أن دولة قطر لن تردّ بالمثل – أي بسحب سفرائها – لحرصها "على روابط الأخوة بين الشعب القطري والشعوب الخليجية كافة".[9] وعزا مراقبون السبب الرئيسي لهذه الأزمة الدبلوماسية إلى دعم قطر المستمر لتيارات الإخوان المسلمين في دول عدة في المنطقة، الأمر الذي أزعج الإمارات والسعودية في شكل خاص نظرًا إلى وجود تيارات معارضة ومتعاطفة مع الإخوان في هذين البلدين.[10] وجاءت تصريحات وزير الخارجية القطري خالد العطية لتدعم هذه التكهنات، إذ إعتبر "أن إستقلال السياسة الخارجية لدولة قطر هو، ببساطة، غير قابل للتفاوض".[11]


قد تكون الأزمة السياسية في مصر بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إلى العلاقة المتوترة بين قطر والدول الثلاث، بعدما حلت حكومة عدلي منصور، المدعومة سعوديًا وإماراتيًا وبحرينيًا، مكان حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي المدعوم قطريًا. و لكن على الرغم من عزل الإخوان المسلمين من الحكم والحياة السياسية في مصر، باعتبارهم منظمة إرهابية من قبل الحكومة المصرية، إلا أن الأجهزة الإعلامية المملوكة قطريًا (أي قناة الجزيرة) لا تزال تدعم هذا التنظيم في تغطيتها لأحداث مصر، وهو ما قصدته الدول الثلاث عندما ذكرت جملة "عدم دعم الإعلام المعادي" في بيانها. من جهته، علق السفير القطري السابق في الولايات المتحدة الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة على الأزمة بالقول إن "هذه الدول تدعم الإنقلاب"، وإن حكومة بلاده "لن تساند حكومة أخرى تقتل شعبها".[12] وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة المصرية سحبت أيضًا سفيرها من الدوحة بعد يوم من سحب الدول الخليجية الثلاث سفراءها، مما قد يعطي مصداقية للتكهنات حول محورية المسألة المصرية في الخلاف الخليجي – الخليجي.[13] وتمثل هذه الأزمة الدبلوماسية بين طرفيها المنضويين في منظومة دول المجلس ثاني ضربة لمشروع الوحدة الخليجية، بعد أن صرحت سلطنة عمان رسميًا، قبل بضعة أشهر، بأن لا نية لديها للمشاركة في الإتحاد الخليجي. وبهذا تبدّدت آمال داعمي مشروع الوحدة باستبدال منظومة مجلس التعاون بكيان سياسي أكثر مركزية مع تقلّص عدد الدول المساندة له.


مبادرات المجتمع المدني


على مستوى الحياة المدنية، لم يسجل عام 2013 بروز أي تحرك مؤثر. واستمر تأثير قانون الجمعيات الحالي في إعاقة إنشاء جمعيات سياسية أو نقابية أو مهنية. وكان الأبرز في هذا العام إستمرار لقاءات الأثنين في مجلس الدكتور علي خليفة الكواري التي انطلقت عام 2011 تجاوبًا مع حراك الشارع العربي. وقد أثمرت هذه اللقاءات إصدار كتاب "الشعب يريد الإصلاح في قطر أيضًا" الذي منعت السلطات تداوله (مقدمة الكتاب متوفّرة على الرابط التالي في الهوامش).[14] وفي دورته الثانية، تناول لقاء الاثنين بعض المواضيع الشائكة كتلك المتعلقة بالسياسات التعليمية في قطر، والإنفاق العام على الرياضة والمتاحف وغيرها. كما تضمّنت إحدى أوراقه تصورًا سياسيًا لما يمكن أن يشكل "هبوطًا آمنًا" ينتشل الوطن "من واقع معاش تتعرض فيه الدولة إلى تحديات مصيرية"[15] أفرزتها السياسات الحالية، كما تشير الورقة. وتواصلت بعض التحركات الشبابية، وفي صدارتها تحركات مجموعة ”شباب قطر ضد التطبيع" التي إستمرت في كشف ومناهضة حالات التطبيع المتزايدة في قطر مع الكيان الصهيوني، لا سيما في المجال الرياضي. فعلى سبيل المثال، كشفت هذه المجموعة عن مشاركة سبّاحين إسرائيليين في بطولة العالم للسباحة التي أقيمت في الدوحة في شهر أكتوبر. وقد أثار رفع العلم الإسرائيلي في المسبح الأولمبي، حيث أقيمت البطولة، إستهجان قطاعات واسعة من الشعب القطري أثمرت حملة واسعة في وسائل التواصل الإجتماعي مطالبة بإزالة العلم. ووجّهت مجموعة "شباب قطر ضد التطبيع"، إثر ذلك، خطابًا عبر صفحتها في الشبكة العنكبوتية إلى رئيس الإتحاد القطري للسباحة تطالبه فيه "بإزالة علم الكيان الصهيوني وإنهاء إستضافة اللاعبين الإسرائيليين والإمتناع عن دعوتهم إلى أي فعالية مقامة في المستقبل"[16]. وقد أوضح بعض المغرّدين القطريين لاحقًا، بالصور، أن العلم أُزيل فعلًا، لكنه عاد ورفع داخل المسبح الأولمبي إثر فوز سبّاحة إسرائيلية بالمركز الثاني في إحدى المسابقات.[17] كما أشرفت مجموعة ”شباب قطر ضد التطبيع" على تنظيم أسبوع مقاومة الإحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي الثاني في الدوحة والذي تنوّعت أنشطته بين ندوات ومحاضرات ومعارض فنية، وتمت فيه إستضافة عدد كبير من الناشطين الدوليين المناهضين للصهيونية.[18]


ضغط دولي في شأن العمال الوافدين


أشارت تقارير دولية إلى أن استعدادات قطر لإستضافة كأس العالم تكبدت خسائر بشرية كبيرة، مع وفاة 900 عامل وافد ممن يعملون في مشاريع البنية التحتية الضخمة، بسبب تردي أوضاع العمل التي شُبهت بـ"العبودية المعاصرة". وحذّر إتحاد النقابات الدولي من أن هذه المشاريع قد تودي بحياة 4000 عامل إن لم يتم تدارك الأمر من قبل الجهات الرسمية.[19] وبما أن جميع مصادر التقارير الواردة غربية، كصحيفة الغارديان البريطانية التي إهتمت بهذه القضية بشكل خاص، متبوعة بصحف أخرى ومنظمات حقوقية كمنظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، إتهم رئيس اللجنة القطرية لحقوق الإنسان هذه الجهات باستهداف قطر في شكل ممنهج، ووصف معدّل الوفيات في صفوف العمال بأنه "طبيعي".[20]


ويُذكر أن السفارة الهندية في الدوحة علّقت رسميًا على هذه التقارير، فقللت بدورها من شأنها، مكرّرة ما قالته المنظمة الحقوقية القطرية بأن نسبة الوفاة طبيعية نظرًا إلى العدد الكبير من العمال الوافدين الذين يعملون في قطر.[21]


ولم تقتصر الإنتقادات على عدد الوفيات فقط، بل طالت أيضًا المعاملة والظروف التي يعيشها العمال، ومنها إتهامات بالحرمان من الأجر في بعض الأحيان، وتطبيق نظام "الكفالة" الذي يقتضي في كثير من الأحيان تسليم جوازات العمال إلى صاحب العمل، مما قد يربط العمال بأصحاب العمل قسريًا، ويحول دون ترك العامل لوظيفته في حالة عدم الرضا، إضافة إلى تدنّي مستوى الأجور وعدم توفير الحماية اللازمة من مخاطر العمل.[22]


من جهتها، ردّت الحكومة القطرية على هذه الإنتقادات المتكررة بالتعهد بإجراء تحقيق في أوضاع العمال الوافدين، وأعلنت اللجنة العليا لـ "قطر 2022" بأنها صُدمت بالصور والمشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام، وخاصة التقارير التي نشرتها صحيفة الغارديان، محاولة تطمين المراقبين الإعلاميين بأن لصحة العمال وسلامتهم وكرامتهم أهمية قصوى لدى المسؤولين القطريين.[23]

 

لقراءة الجزء التالي من الاصدار

لقراءة النسخة الكاملة من الاصدار (pdf)

لتصفح محتويات الاصدار الكترونيا

 


[1] "صراع الرجل الثاني وولي العهد في قطر،" صحيفة الوطن الإلكترونية، 13 مايو 2013 <www.elwatannews.com/news/details/180672>

[2] النص الكامل لكلمة الشيخ تميم بن حمد ال ثاني، موقع قناة الجزيرة، 26 يونيو 2013

<www.aljazeera.net/mob/f6451603-4dff-4ca1-9c10-122741d17432/5cd5a412-d720-43e9-a477-c11fcd0eafb8>

[3] "أمير قطر يقرر إنتخابات مجلس الشورى في 2013،" موقع قناة البي بي سي، 1 يناير 2011 <http://arabic.cnn.com/2011/middle_east/11/1/qatar.shoura/index.html?utm_source=dlvr.it&utm_medium=buzz>

[4] "اجراءات لاستصدار مشروع قانون إنتخاب الشورى،" صحيفة العرب، 7 يونيو 2012 <http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1637&artid=192715>

[5] نص قرار أميري رقم (70) لسنة 2013 بمد مدة مجلس الشورى <www.almeezan.qa/LawPage.aspx?id=4930&language=ar>

[6] "طبيب قطري "يتعرض للضرب" في سجن إماراتي،" موقع قناة البي بي سي، 29 يونيو 2013

<http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/06/130628_qatari_uae_prison_beaten.shtml>

[7] "سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر،" موقع قناة البي بي سي، 5 مارس 2014 <http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2014/03/140305_gulfstates_qatar_envoys.shtml>

[8] "مجلس الوزراء: لا علاقة لخطوة السعودية والإمارات والبحرين بمصالح الشعوب الخليجية،" وكالة أنباء قطر، 5 مارس 2013 <http://tinyurl.com/malslfd>

[9] المصدر نفسه

[10] "قراءة مصرية في قرار سحب "السفراء الثلاثة" من قطر،" موقع قناة الجزيرة، 6 مارس 2014 <http://www.aljazeera.net/mob/f6451603-4dff-4ca1-9c10-122741d17432/21791d6e-e255-4043-a361-47a644cb3ffb>

[11] "قطر تقول بان سياساتها الخارجية غير قابلة للتفاوض، وكالة رويترز،" 10 مارس 2014 <http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAEA290BR20140310>

[12] “3 Gulf Countries Pull Ambassadors From Qatar Over Its Support of Islamists,” The New York Times, 3 March 2014 <http://www.nytimes.com/2014/03/06/world/middleeast/3-persian-gulf-states-pull-ambassadors-from-qatar.html>

[13] “Egypt Pulls Ambassador From Qatar,” The New York Times, 4 March 2014 <http://www.nytimes.com/2014/03/07/world/middleeast/egypt-withdraws-ambassador-from-qatar.html?_r=0>

[14] لتحميل المقدمة من الكتاب، أنظر: <http://dr-alkuwari.net/sites/akak/files/itroduction-monday-book1.pdf>

[15] عيسى شاهين الغانم، دولة قطر: هل من سبيل إلى هبوط آمن؟، 22 أبريل 2013.

 <http://dr-alkuwari.net/sites/akak/files/ys_lgnm-hl_mn_hbwt_amn.pdf>

[16] Khalil Al Jaber, “Open Letter to Qatar Swimming Association,” Qatar Youth Opposed to Normalization, 20 October 2013 <http://qayon.blogspot.com/2013/10/open-letter-to-qatar-swimming.html>

[17] "معاريف: تلفزيون قطر أخفى هوية إسرائيلية فازت في السباحة،" موقع قناة العربية، 22 اكتوبر 2013 <http://tinyurl.com/msjggbz>

[18] "ملخص فعاليات أسبوع مقاومة الأحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي الثاني في الدوحة،" مدونة شباب قطر ضد التطبيع،14 مايو 2013 <http://qayon.blogspot.com/2013_05_01_archive.html>

[19] Rose Eveleth,”More Than 900 Workers Have Already Died Building Qatar’s World Cup Infrastructure,” Smithsonian Magazine, 13 March 2014 <http://www.smithsonianmag.com/smart-news/over-900-workers-have-already-died-building-qatars-world-cup-facilities-180950088/?no-ist>

[20] “Qatar official says worker death rate normal,” Al Jazeera English, 19 February 2014 <http://www.aljazeera.com/news/middleeast/2014/02/qatar-official-says-worker-death-rate-normal-20142181886988990.html>

[21] “Indian worker death rate in Qatar ‘normal’,” BBC, 19 February 2014 <http://www.bbc.com/news/world-middle-east-26260765>

[22] Amnesty International, “Qatar: End corporate exploitation of migrant construction workers,” 17 November 2013 <http://www.amnesty.org/en/news/qatar-end-corporate-exploitation-migrant-construction-workers-2013-11-17>

[23] “Qatar investigating treatment of world cup workers,” The Daily Star, 27 September 2013 <http://dailystar.com.lb/Sports/Football/2013/Sep-27/232708-qatar-investigating-treatment-of-world-cup-workers.ashx>



الأفكار الواردة في الأوراق والمداخلات والتعقيبات لا تعبر عن رأي الموقع وإنما عن رأي أصحابها