الثابت والمتحول 2015 : الخليج والآخر
3.1 مقدّمة
-
الزيارات: 1564
يتمثل الخلل الاقتصادي في دول مجلس التعاون في: "الاعتماد المُطلق، والمُتزايد، على ريع صادرات الثّروة الطبيعيّة المعرَّضة للنضوب، وهي النّفط الخام (الزيت والغاز الطبيعي). ومن المعروف أنّ مصدر مختلف أنواع الدّخل الرئيسية في دول المنطقة هو الريع النّفطي، والناتج من ارتفاع سعر النفط عشرات المرات بالمقارنة مع تكاليف إنتاجه. وهو خللٌ يتجلّى في تركيب النّاتج المحلّي الإجمالي وسائر الحسابات القوميّة الأخرى، لأن مصدر هذه المداخيل هو ريع تصدير ثروة طبيعية "ناضبة،" وليس إنتاجية الأفراد والمؤسسات، كما هي الحال في الاقتصاد الإنتاجي." هكذا تم تعريف الخلل الإنتاجي -الاقتصادي في النسخة الأولى من هذا الإصدار، ولا يزال هذا الخلل السمة الطاغية على اقتصاديات دول المجلس.[1]
فبعد ثلثي قرن من إنتاج النفط، لم تنجح دول مجلس التعاون سوى في تعميق الاعتماد عليه، وإستمر التعامل مع المالية العامة للدولة كما لو أن فترات رواج سوق النفط دائمة. وعلى الرغم من أن طفرات نفطية سابقة تلتها فترات ركود، لا يبدو أن دول المجلس قد حصنت نفسها لمواجهة تقلبات أسعار النفط خلال السنوات الخمسين الماضية، وهو ما تكرر بعد تعرض سوق النفط العالمي لهزة قوية في النصف الأخير من العام 2014، زعزعت الكثير من الاعتقادات والمسلّمات التي كانت حوله، وهوت بسعر البرميل ليفقد حوالي 60% من قيمته في نهاية عام 2014.
ولم تستفد دول المجلس من جميع الطفرات النفطية السابقة لتقليل الاعتمادية على هذا المصدر الناضب. فلم تتبنَّ سياسات نفطية تستخدم الإيرادات النفطية في تنويع مصادر الدخل وبناء تنمية مستدامة. بل على العكس تماماً، تزايد الاعتماد في جميع دول المجلس من دون استثناء على الإيرادات النفطية في ميزانياتها. وبعد أن كان سعر برميل النفط المطلوب لمعادلة ميزانيات أغلب دول المجلس لا يتعدى 20 دولاراً أمريكياً في مطلع القرن الحالي، قارب السعر المطلوب لمعادلة الميزانيات في عام 2014/2015 الـ 100 دولار أمريكي، بل وتخطاها في البحرين:
هكذا أصبحت ميزانيات بعض دول المجلس تعتمد على الإيرادات النفطية بنسبة تفوق 90%، واستمرت في التركيز على توزيعها وإنفاقها في مصروفات جارية يصعب خفضها بعد ذلك:
وبعد أن كان متوسط أسعار النفط نحو 105.7 دولار أمريكي عام 2011، ونحو 108.6 دولار أمريكي في 2012، ونحو 104.5 دولار أمريكي في 2013، بدأت الأسعار بالانخفاض بشكل حاد في نوفمبر 2014 حتى وصلت إلى 48 دولاراً للبرميل في نهاية مارس 2015. يوضح الجدول التالي الفرق بين الإيرادات النفطية خلال عامي 2013 و2015 في حال كان متوسط سعر برميل النفط 55 دولاراً في 2015، إذ سيؤثر ذلك بشكل جذري على إيرادات دول المجلس، حيث ستتقلّص معظمها إلى ما يقارب النصف من إيراداتها النفطية السابقة وهذه التقلبات المستمرة في أسواق النفط، تحثنا على التساؤل حول مدى استدامة الوضع الاقتصادي العام القائم في دول مجلس التعاون.
لقراءة الجزء التالي من الاصدار
لقراءة النسخة الكاملة من الاصدار (pdf)
لتصفح محتويات الاصدار الكترونيا