الثابت والمتحول 2015 : الخليج والآخر
4.1 مقدّمة
-
الزيارات: 1460
تحليل "الآخر" في سياق دول مجلس التعاون يعني بالضرورة تحليل علاقاتها مع الدول المجاورة والقوى العالمية، وهذا يعني أن قسم الخلل الأمني المتعلق بالعلاقات الدولية يأخذ نصيب الأسد من تركيزنا في هذا الإصدار. ولقد عرفنا الخلل الأمني، في الإصدارات السابقة، بعدم قدرة دول المجلس على توفير الحماية الأمنية والعسكرية لذاتها، واعتمادها على قوى خارحية غربية لتوفير الأمن لها.
تاريخيا، لعبت بريطانيا دول الحامي المهيمن في عهد الاستعمار، وقد ورثت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الدور منذ منتصف القرن العشرين بعد أن توجت كالقوة العسكرية العظمى في العالم بعد الحرب العالمية الثانية. إلا أن سنوات ما بعد الانتفاضات العربية قد ولدت تفاعلات متصاعدة على الساحة الأمنية – وإن كانت تجري في ظل الثابت، أي تواصل الهيمنة الأمريكية. وقد تكون إحدى أهم هذه التطورات هي النشاط العسكري المتزايد لدول المجلس، بما فيه إرسال قوات عسكرية إلى البحرين وليبيا واليمن. هذا في مقابل توسع عسكري مماثل لإيران وحلفائها في العراق وسوريا واليمن ولبنان. وفي سياق تصاعد "الحرب الباردة" مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة، فقد تسابقت دول المجلس نحو التسلح، فيقول تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الإنفاق العسكري الخليجي قد زاد بنسبة 70% خلال الخمس سنوات الماضية.[1]
وكما كان الحال في الإصدارين السابقين، فبييّن الرسم البياني 4.1 أن دول المجلس هي الأعلى عالميا من ناحية الإنفاق العسكري لكل فرد من السكان، وكذلك هو الحال عند النظر إلى الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي كما يبيّن الرسم البياني 4.2 . وفي الرسم البياني 4.3، يتبيّن لنا أن السعودية والإمارات هي من أكبر مستوردي السلاح عالمياً على الإطلاق.
ويظهر الرسم البياني 4.4 أن عدد القوات المسلحة الوطنية في دول المجلس تصل إلى بضعة مئات الآلاف. ولكن الرسم البياني 4.5 يبرز مفارفة كبيرة، و هي انه بالرغم من الإنفاق العسكري المرتفع في دول مجلس التعاون، إلا ان هذه الدول لا زالت تتكل على الحماية الأجنبية لضمان أمنها، حيث تتواجد في أراضي دول المجلس عشرات الآلاف من العناصر العسكرية الغربية، وفي مقدمتها تلك من الولايات المتحدة
.
بما أنه تم تحليل علاقات دول المجلس مع أمريكا في النسخة الأولى من هذا الإصدار، فإن هذه النسخة تركز بشكل أكثر على تحليل علاقات دول المجلس مع الأطراف الإقليمية المحيطة بها. فلقد تشبعت الصحف وموجات الأثير بالتطورات في الأراضي اليمنية الشقيقة، وذلك في خضم توسع الحوثيين العسكري وعملية "عاصفة الحزم" التي تقودها دول مجلس التعاون. ولهذا فإننا في أمس الحاجة إلى تحليل تاريخ العلاقات اليمنية – الخليجية والبحث في المحددات العلاقة ما بين طرفان يمثلان، في نهاية المطاف، كتلة جغرافية واحدة.
أما في الملفين المعمقين الآخرين، فنصب تركيزنا على القضية العربية الأم "فلسطين،" حيث نبحث في أحد الملفين العلاقة التاريخية بين السعودية – باعتبارها اكبر دولة من دول المجلس – مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). أما الورقة الأخرى، فتبحث بشكل موسع أشكال التطبيع الممارسة في المنطقة مع الكيان الصهويني. ويركز قسم من الورقة ا على تحليل ظواهر التطبيع على المستوى السياسي الرسمي، فيما يركز القسم الآخر على تبيان دور الشركات الدولية، والتي لها نشاطاً تجارياً كبيراً في دول المجلس، في تعميق الاحتلال الصهيوني عبر أنشطتها التجارية في الأراضي المحتلة. ويركز تحليلنا على حملات المقاطعة العالمية لهذه الشركات نظراً لمساهماتها في الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل تزايد وتيرة هذه الحملات بشكل تصاعدي على المستوى العالمي. ونأمل عبر هذا الطرح في أن نساهم ولو بشكل بسيط بإعادة الاهتمام والاعتبار للبوصلة والقضية المركزية الأولى في عالمنا العربي، ألا وهي فلسطين.
لقراءة الجزء التالي من الاصدار
لقراءة النسخة الكاملة من الاصدار (pdf)
لتصفح محتويات الاصدار الكترونيا