سلسلة الاوراق الاستطلاعية

ورقة رقم 3


حيرة المنامة وساكنيها في ظل المتغيرات
العميقة والسريعة لما حولهم


بقلم:
غسان يوسف الشهابي

 

 

مقدمة
يرتبط تاريخ المدن بالحراك البشري فيها، وهي بالتالي انعكاس لمجمل ثقافتهم وطبيعة عملهم وعلاقاتهم الاجتماعية. ففي الوقت الذي بنى فيه العرب، والخليجيون منهم، بيوتهم على شكل حواري ضيقة، وبيوت متلاصقة يسند بعضها بعضاً، عكَس ذلك، وربما أدى أيضاً إلى، التآزر الكبير بين سكان الحواري إلى الحد الذي يعرف فيه كل جار التفاصيل الدقيقة لما يجري في بيت جيرانه في كل الاتجاهات. كما عكس ضيق الحواري الحاجة لتوفير الظلال وتبريد الهواء المار في هذه الأزقة، 2 وبقيت هذه الأنماط من البناء الحجري الأفقي، والإنساني العمودي الآخذ في العمق، سائدة منذ أزمنة قديمة جداً، حتى أتت المدنية الحديثة التي جلبت معها الكثير من المتغيرات على كل الأصعدة بلا استثناء، فغيّرت العلاقات الإنسانية في المجتمعات العربية لمرة واحدة وإلى الأبد.

في تلك الأثناء كان الغرباء الطارئون على المجتمعات الخليجية )البحرين تحديداً كنطاق رئيسي لهذا التعقيب( يُعرفون بأسماء بلدانهم تمييزاً لهم عن أهل البلاد، وحتى يمكن التعرف عليهم بسهولة، وفرزهم عن النسيج الاجتماعي، قبل أن تبدأ قماشتهم الاجتماعية بالاندغام والامتزاج مع قماشة المجتمع الحاضن، وهذا يحتاج إلى زمن طويل بعض الشيء، فذاكرة الناس لا تزال طرية وقادرة على حمل وتخزين الفروقات بين أهل البلد والملتحقين بها، وهذا نتاج قربى الدم والنسب، والتقارب الجغرافي بين البيوت.

 


للمزيد .. شاهد المرفقات



الأفكار الواردة في الأوراق والمداخلات والتعقيبات لا تعبر عن رأي الموقع وإنما عن رأي أصحابها