استهوتني قصة المشاريع العقارية الضخمة والمدن الجديدة التي سيطرت على النشاط الاقتصادي في دول الخليج العربية لأنها تجسد في طياتها كل اوجه الخلل المزمنة التي تواجه المنطقة. فيتجسد الخلل السياسي والاستئثار بالسلطة في الفساد الذي استشرى في صفقات الاراضي وعمليات ردم البحر (الدفان) الذي تطلبته هذه المشاريع، بالاضافة الى انعدام دور غالبية المواطنين في التخطيط والموافقة على هذه المشاريع. اما الخلل الاقتصادي المتجذر في المنطقة فيبرز في الكميات الهائلة من الاموال التي اتت اساسا من الريع النفطي لتنصب في هذه المشاريع (حوالي 1.2 تريليون دولار) ، والتي هي بدورها ايضا نوع آخر من الريع (العقاري). هذا بالإضافة الى التركيبة المتشعبة من الشركات الاستثمارية والمطورين العقاريين والبنوك التي تشكلت حول هذه المشاريع. في المقابل، فيتجلى الخلل السكاني المزمن في هذه المدن الجديدة الموجهة في الاساس لشعب جديد لأن يسكن فيها، حيث تغيّرت رؤية ومعاملة متخذي القرار إلى ظاهرة تدفق الوافدين من النّظر إليها كظاهرة عرضيّة لا بد منها، هدفها سد متطلبات الإنتاج، إلى تبني استقطاب الوافدين كهدف أساسي ينبغي تبنيه لزيادة الطلب الاقتصادي عليه في دول المجلس.

تبين هذه المدن الجديدة بشكل جلي أن أوجه الخل المزمنة في المحاور السياسية والاقتصادية والسكانية مترابطة وتغذي بعضها البعض في جدلية مستمرة ، حيث لا يمكن فصل هذه المحاور عن بعضها البعض والنظر اليها منفردة. وهذا التشعب المتعمق بين العوامل السياسية والاقتصادية والسكانية الحادة ينذر بخلطة متفجرة من الصعب التنبؤ بتبعاتها، بل أنه من شبه المستحيل على صناع القرار ان يتحكموا في مسارها في خطط مرسومة مسبقا.

طبيعة هذه المشاريع العقارية تشير الى مسارين:  اما ان تنجح هذه المشاريع العقارية، وبذلك تتحول الى مدن جديدة ضخمة يقطنها الملايين من السكان الجدد.  في المقابل، قد تفشل المشاريع العقارية فشلا ذريعا، وتتحول الى مبان خاوية ينبذها الناس، وتكون في نهاية الامر مشاريع فيل بيضاء white elephants  وعملية نصب كبرى مصيرها ان تكون مدن اشباح.طبيعة هذه المشاريع العقارية تشير الى مسارين:  اما ان تنجح هذه المشاريع العقارية، وبذلك تتحول الى مدن جديدة ضخمة يقطنها الملايين من السكان الجدد.  في المقابل، قد تفشل المشاريع العقارية فشلا ذريعا، وتتحول الى مبان خاوية ينبذها الناس، وتكون في نهاية الامر مشاريع فيل بيضاء white elephants  وعملية نصب كبرى مصيرها ان تكون مدن اشباح.طبيعة هذه المشاريع العقارية تشير الى مسارين:  اما ان تنجح هذه المشاريع العقارية، وبذلك تتحول الى مدن جديدة ضخمة يقطنها الملايين من السكان الجدد.  في المقابل، قد تفشل المشاريع العقارية فشلا ذريعا، وتتحول الى مبان خاوية ينبذها الناس، وتكون في نهاية الامر مشاريع فيل بيضاء white elephants  وعملية نصب كبرى مصيرها ان تكون مدن اشباح.طبيعة هذه المشاريع العقارية تشير الى مسارين:  اما ان تنجح هذه المشاريع العقارية، وبذلك تتحول الى مدن جديدة ضخمة يقطنها الملايين من السكان الجدد.  في المقابل، قد تفشل المشاريع العقارية فشلا ذريعا، وتتحول الى مبان خاوية ينبذها الناس، وتكون في نهاية الامر مشاريع فيل بيضاء white elephants  وعملية نصب كبرى مصيرها ان تكون مدن اشباح.

كلا الخياران لا زالا مطروحان، ومن الممكن ان يحدث الإثنان على مر الزمن.  فكثير من هذه المشاريع قد تم ايقافها في خضم الازمة المالية العالمية. في المقابل، فان الكثير من هذه المدن الجديدة قد تم بناؤها فعليا واصبحت مأهولة، كمنطقة المارينا في دبي و امواج في البحرين. والقول بأن رؤوس الاموال والمتنفذين بها ستقف مكتوفة الايدي وسترضى بأن تبقى هذه المشاريع شاغرة يعبر عن فهم ضيق لمنطق رؤوس الاموال وتحركاتها. وكما رأينا، فقد سمحت البحرين لملاك العقار الدولي بالتصويت في الانتخابات البلدية لعام 2010، كما مددت الامارات مدة الاقامة المرتبطة بشراء العقار من ستة اشهر الى ثلاث سنوات في عام 2011. كما تدل تصريحات المسؤولين عن هذه المشاريع الى انهم يتطلعون الى اعادة المشاريع التي تم ايقافها متى ما سنحت الفرصة، هذا بالإضافة الى نية لبناء مشاريع عقارية ضخمة جديدة.

النقطة الرئيسية هنا هو انه من المستحيل ان يتواصل الخلل السكاني في التراكم  بدون ان تكون له تبعات جذرية مصيرية على المنطقة في المستقبل الليس ببعيد.  بعض هذه التبعات تم مناقشتها بإسهاب، بما فيها  ازدياد أعداد الوافدين في سوق العمل، وتهميش دور المواطنين إنتاجيا وعدديا، بالإضافة إلى تشوه  الهوية العربية في المنطقة وازدياد حدة التعصب xenophobia بين صفوف بعض المواطنين . في المقابل  ستتواصل حالات الاضطهاد التي يتعرض إليها الكثير من العمالة الوافدة وتدنى حقوقهم على المستوى الاقتصادي والسياسي، والتي بامكاننا تلخيص هذه الافرازات في حالة شديدة من "الاغتراب" التي يعيشها المواطنين والوافدين معا.

أما بالنسبة إلى ظاهرة المشاريع العقارية فلها معطيات تختلف كما ونوعا عن ظاهرة توافد العمالة الأجنبية. ولعل الخاصية الأهم هي بروز ظاهرة "المجتمع المغلق" أو ما يمكن تسميته "بالمدينة داخل المدينة". حيث يتم خلق مجتمع من "الكانتونات" المنفصلة، تعيش كل مجموعة منه في منأى تام عن باقي الأطراف، لا يربطها ببعضها أي انتماء قومي أو ثقافي أو سياسي، ولا يكون هدفها الجامع سوى النمو الاقتصادي وتحريك رؤوس الأموال تحت إطار اللغة الانجليزية الحاضنة. هنا تصبح المدينة مفهوما بالإمكان بنائه وتجديده وإعادة تركيبه بشكل سريع بناء على أهواء متخذي القرار والخبراء المنفذين للمشروع. والحالة الأساسية التي تميزها هي التغير المستمر في ملامح وعمران وحتى سكان المدينة، فلا البيوت ولا النخل ولا حتى البحر في مأمن من الهدم والاقتلاع والدفن.  كل هذا قد يحصل في سنين بل أشهر معدودة، فلو قدر لأحد أن يشد الرحال إلى الخارج طلبا للعلم، لما عاد بإمكانه التعرف على المدينة او سكانه عند عودته من الدراسة.

فالمدينة في الخليج لم تعد تعكس وتعبر عن رغبات ونمط حياة أهلها وساكنيها، فهم عامة مهمشون وبدون أي دور فعال في تحديد ملامحها العمرانية والاجتماعية. فها هم يشاهدون العمارات تعلو من حولهم وليس في يدهم إلا أن يراقبوا ويتأقلموا، فقد لا يكونوا هم حتى من ساكني منطقتهم الحالية في المستقبل القريب. وهكذا تم هز واقتلاع الجذور التي كانت تربط السكان بمدنهم ، وفي المقابل أمست المدينة  مفهوما متقلبا قد يتبدل هو  وساكنيه في غضون أيام معدودة. وهكذا أصبح ما يحدد شكل وحتى جغرافية المدينة ليس سكانها، والذين يتغيرون بنفس سرعة تغير المدينة، بل المردود المادي وتطلعات متخذي القرار.



الأفكار الواردة في الأوراق والمداخلات والتعقيبات لا تعبر عن رأي الموقع وإنما عن رأي أصحابها